هذا المروِىُّ صَحيحاً ـ أن يكونَ الفِعلُ مَقْلوباً من وَحَدْتُ إلى حَدَوتُ وذلك أنهم لمَّا رأوا الحادِى فى ظاهرِ الأمرِ على صُورَةِ فاعلٍ ، صارَ كأنَّه جارٍ على حَدَوْتُ ، جَرَيانَ غازٍ على غَزَوتُ.
وإحْدَى ، صيغةٌ مَضروبَةٌ للتأنيثِ على غيرِ بناءِ الواحِدِ ، كبِنْتٍ من ابنٍ ، وأُخْتٍ من أخ ـ وقد أنعمتُ شرحَ هذه الكلمةِ وتقصيتُ تعليلَها فى (الكتابِ المخَصِّصِ) فى بابِ العَدَدِ.
ورجلٌ أَحَدٌ ووَحَدٌ [ووحِدٌ ووحْدٌ] ووحيدٌ ومُتَوَحِّدٌ ، والأنثى وحَدَةٌ ـ حَكاه « أبو علىّ » فى التذكِرَةِ وأنشدَ :
*كالبيدانَةِ الوَحَده* (١)
ووَحِدَ ووحُدَ وَحادةً وحِدَةً ووَحْداً ، وتوحَّدَ : بقى وَحْدَه [يَطَّرِدُ إلى العَشَرةِ ، عن « الشيبانى » : وأوحَدَ اللهُ جانِبَه أى بَقِىَ وحْدَه].
وأوحَدَه للأعداء : تَركَه ـ وقد أنعمتُ شرحَ ذلك هُنالِكَ أيضا.
وحَكَى « سيبويهِ » : الوَحْدَةُ ، فى معنى التوَحُّدِ.
ودخَلَ القومُ مَوْحَدَ موحَدَ ، وأُحادَ أُحادَ ، أى واحِداً واحِداً ـ معدولٌ عن ذلك ، قال « سيبويه » : فتَحوا مَوْحَدَ إذ كان اسماً موضوعاً ليس بمصدرٍ ولا مكانٍ.
ومَرَرتُ به وحْدَه ، مَصْدَرٌ لا يُثَنَّى ولا يُجمَعُ ولا يُغَيَّرُ عن المصدرِ ، وهو بمنزلةِ قولِكَ إفراداً ، وإن لم يُتكلَّمْ به ، وأصلُه : أوْحَدتُه بمرورى إيحاداً ، ثم حُذِفَت زيادَتاه فجاء على الفعل ، ومِثلُه قولُهم : عَمْرَكَ اللهُ إلا فعلتَ ، أى عَمَّرْتُكَ الله تعميراً.
وقالوا : هو نسيجُ وحْدِه وعُيَيْرُ وَحْدِه وجُحَيْشُ وحْدِه ، فأضافوا إليه فى هذه الثلاثةِ وهو شاذ. وأمَّا « ابنُ الأعرابىّ » فجعل وَحْدَه اسماً ومكَّنَه فقال : جَلَسَ وحْدَه ، وعلى وَحْدِه ، وجَلَسا على وَحْدَيهما ، وعلى وَحدِهما ، وجلسوا على [وَحْدِهم.
وحِدَةُ الشىءِ : تَوَحُّدُه. وهذا الأمرُ على حِدَتِه وعلى] وَحْدِه.
وحَكَى « أبو زيدٍ » : قُلْنَا هذا الأمرَ وَحْدَيْنا ، وقالتاه وحْدَيهما ، وهذا أيضَا خِلافٌ لما ذكَرْنا.
وأوحدَه الناسُ : تركوه وحدَه. وقولُ « أبى ذؤيب » :
مُطَأطَأةً لم يُنْبِطُوها وإنَّها |
|
لَيَرضَى بها فُرَّاطُها أُمَ واحِدِ (٢) |
__________________
(١) الكلمتان بلا نسبة فى لسان العرب (وحد) ، ويروى (الوحِده) بكسر الحاء.
(٢) البيت لأبى ذؤيب الهذلى فى شرح أشعار الهذليين ص ١٩٣ ؛ ولسان العرب (وحد) ؛ وأساس البلاغة (طأطأ).