فأيُّهُما ما أتبَعَنَّ فإنَّنِى |
|
حزِينٌ على تَركِ الذى أنا وَادِعُ(١) |
وقرأ بعضُهم : ما وَدَعَك رَبُّك [ الضحى : ٣ ] قال :
وكان ما قَدَّمُوا لأنْفسِهمْ |
|
أكثرَ نفعًا من الذى وَدَعُوا (٢) |
وقال ابنُ جنِّى : إنما هذا على الضَّرورةِ لأن الشَّاعر إذا اضْطُرَّ جازَ له أن يَنْطقَ بما يُبِيحُه القياسُ وإن لم يَرِدْ به سَمَاعٌ ، وأنشد قول أبى الأسود :
ليتَ شِعْرِى عن خليلى ما الَّذى |
|
غالَهُ فى الحُبّ حتَّى وَدَعَهْ(٣) |
وعليه قراءَةُ بعضهم ما وَدَعَك رَبُّك ومَا قلى لأن التَّرْكَ ضَرْبٌ مِنَ القِلَى ، قال : فهذا أحْسَنُ من أن تُعِلَّ باب استحْوَذ ، واسْتَنْوَقَ الجَمَلُ. لأن استعمالَ وَدَعَ مُرَاجَعَةُ أصْلٍ ، واعتِلالَ استحوذَ واستَنْوَق ونحوِهما من المُصَحَّحِ تَرْكُ أصْلٍ ، وبين مُرَاجَعةِ الأُصولِ وتَرْكِها ما لا خفاءَ به. وقالوا : لم يُدَعْ ولم يُذَرْ شاذّ ، والأعْرَف لم يُودَعْ ولم يُوذَرْ. وهو القياس.
* والوَدَاعُ : التَّرْكُ وقد ودَّعَه وَوَادَعَهُ.
* وَوَدَّعَه وَوَادَعَهُ : دَعا له. من ذلك ، قال :
فَهاج جَوًى فى القَلْبِ ضُمِّنَهُ الهوَى |
|
بِبَيْنُونَةٍ يَنْأَى بها منْ يُوَادِعُ (٤) |
* وتَوَدَّعَ القومُ وتَوَادَعُوا : وَدَّع بعضُهم بعَضًا.
* والوَدَاعُ : القِلَى.
* والمُوَادَعَةُ والتَّوادُعُ : شِبْهُ المُصالَحِة.
* والوَدِيعُ : العَهْد. وفى حَدِيث طَهْفَة قال صلىاللهعليهوسلم : « لكُمْ يا بَنِى نَهْدٍ وَدائعُ الشركِ » (٥) وتوادَع القومُ : أعطى بعضُهم بعضًا عَهْدًا. وكُلُّه من المصالَحَة. حكاه الهَرَوِىُّ فى الغَرِيبين.
* واسْتَوْدَعَهْ مالاً وأوْدَعَه إيَّاه : دَفَعَهُ إليه ليكون عنده.
وأوْدَعَهُ : قَبِلَهُ منه.
* والوَدِيعةُ : ما اسْتُودعَ وقوله تعالى : (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) [الأنعام : ٩٨] المُسْتَوْدَعُ : ما فى الأرْحامِ. واستعارَه علىّ رضى الله عنه للحِكْمة والحجَّة فقال : « بهم يَحْفَظُ اللهُ حُجَجَهُمْ
__________________
(١) البيت بلا نسبة فى لسان العرب ( ودع ) ؛ وتاج العروس ( ودع ).
(٢) البيت بلا نسبة فى لسان العرب ( ودع ) ؛ وتاج العروس ( ودع ) ؛ وتهذيب اللغة ( ٣ / ١٣٦ ).
(٣) البيت لأبى الأسود الدؤلى فى ملحق ديوانه ص ٣٥٠ ؛ ولأبى الأسود أو لأنس فى لسان العرب ( ودع ).
(٤) البيت للمرار بن سعيد الفقعسىّ فى ديوانه ص ٤٦٢ ؛ وبلا نسبة فى لسان العرب ( ودع ) ، ( بين ) ؛ وتاج العروس ( ودع ) ، ( بين ).
(٥) الحديث سبق تخريجه ص ٢٩٦.