الورق ، وما لا يُؤْكل منه. وأما الرَّيحان : فالرّزْق ، وما أُكِل منه.
وقيل : العَصْف ، والعَصيفة ، والعُصافة : دُقاق التِّبْن. وقوله تعالى : ( كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ) [ الفيل : ٥ ] : رُوِى عن الحسن : أنه الزَّرْع الذى
أُكِل حَبُّه ، وبقى تِبْنُه.
وأنشد أبو
العباس محمدُ بن يزيد :
*فصُيِّرُوا مِثلَ كَعَصْفٍ مأكُولْ*
أراد : مثل عَصْفٍ مأكُول ؛ فزاد الكاف لتأكيد الشَّبَه ، كما أكَّده
بزيادة الكاف فى قوله تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَيْءٌ ) [ الشورى : ١١ ] إلا أنه فى الآية ، أدخل الحرف على
الاسم ، وهو سائغ ، وفى البيت أدخل الاسم ، وهو مِثل ، على الحرف ، وهو الكاف.
فإن قال قائل :
بماذا جُرَّ عَصْف؟ أبالكاف التى تجاورُه ، أم بإضافة مثْلٍ إليه ، على أنه
فَصَل بالكاف ، بين المضاف والمضاف إليه؟
فالجواب : أن العَصْف فى البيت لا يجوز إلا أن يكونَ مجرورًا بالكاف ، وإن
كانت زائدة ؛ يدُلُّك على ذلك : أن الكاف فى كل موضع تَقَع فيه زائدة ، لا تكون
إلا جارَّة ، كما أن « مِنْ » وجميع حروف الجرّ فى أىّ موضع وَقَعْنَ زوائد ، فلا
بد أن يَجْرُرْن ما بعدَهُنّ ، كقولك : ما جاءنى من أحدٍ ، ولست بقائم ؛ فكذلك
الكاف فى ( كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ) ، هى الجارّة للعَصْف ، وإن كانت زائدةً ، على ما تقدَّم.
فإن قال قائل :
فمن أين جاز للاسم أن يدخل على الحرف ، فى قوله « مِثلَ كعصفٍ مأكولْ »؟
فالجواب أنه
إنما جاز ذلك ، لما بين الكاف ومثل من المضارَعة فى المَعنى ، فكما جاز لهم أن
يدخلوا الكاف على الكاف ، فى قوله :
*وَصَالِياتٍ كَكما يُؤَثْفَيْنْ*
لمشابهته لمثل
، حتى كأنه قال : كمثل ما يُؤَثْفَينَ ، كذلك أدخلوا أيضًا مثلاً على الكاف فى
قوله : « مِثْلَ كَعَصْف » ، وجعلوا ذلك تنبيهًا على قوّة الشَّبَه بين الكاف
ومثل.
* ومكان مُعْصِف : كثير التِّبْن. عن اللِّحيانىّ ، وأنشد :
إذا جُمادَى
مَنَعَتْ قَطْرَها
|
|
زَانَ
جَنابِى عَطَنٌ مُعْصِفُ
|
__________________