و « ما » جميعا ، إذا لم تجعلْ كلمةً واحدة ، وهو قد جعلهما كلمة واحدة. وكان القياس أن يجعلها هاهنا تأسيسا ، لأن « ما » هاهنا ، تصحب الفعل كثيرا.
قال أبو إسحاق : الأعجمُ : الَّذِى لا يُفْصِحُ ، والأنثى : عَجْماء. وكذلك الأَعْجَمىّ. فأما العَجَمىّ : فالذى من جنس العَجَم ، أفصَح أو لم يُفْصِح. والجمع : عَجَم. ونظيره عَرَبىٌّ وعَرَب وعَرَكىٍّ وعَرَك ، ونَبَطىُّ ونَبَط ، وخَزَرِىّ وخَزَر ، وخَوَلِىّ وخَوَل. وقد أنعمتُ شرحَ هذه المسألة ، وأثبتّ ردّ أبى علىّ الفارسىّ على أبى إسحاق فيها ، عند ذكر عُجْمة اللِّسان ، فى الكتاب المخَصَّص.
* وكلام أعْجَمُ وأعْجَمىٌ : بَيِّن العُجْمة. وقوله تعالى : ( ءَ أَعْجَمِيٌ وَعَرَبِيٌ )؟ [ فصلت : ٤٤ ] : إنما أراد : أقرآنٌ أعْجَمىّ ، ونبىّ عَربىّ؟ صَلى الله عليه وسلّم. وأعْجَمْتُ الكلام : ذهَبْت به إلى العُجْمة.
* وقالوا : حروف المُعْجَم ، فأضافوا الحروف إلى المُعْم. « فإن سأل سائل فقال : ما معنى قولنا « حروف المُعْجم »؟ هل المُعْجَم وصفٌ لحروف هذه ، أو غيرُ وصْف لها؟
فالجواب : أن المُعجَم ، من قولنا حروف المُعْجَم ، لا يجوز أن يكون صفة لحروف هذه ، من وجهين : أحدُهما : أن حروفا هذه ، لو كانت غير مضافة إلى المعجم لكانت نكرة والمُعْجَم ، كما ترى ، معرفة ، ومُحال وصف النكرة بالمعْرِفة. والآخر : أن الحروف مضافة ، ومحالٌ إضافة الموصوف إلى صفته ؛ والعلة فى امتناع ذلك : أن الصفة هى الموصوف ، على قول النحويين ، فى المعنى ، وإضافة الشىء إلى نفسه غير جائزة ، وإذا كانت الصفةُ هى الموصوف عندهم فى المعنى ، لم يَجُز إضافة الحروف إلى المُعْجَم ، لأنه غير مستقيم إضافة الشىء إلى نفسه. قال : وإنما امتنع ذلك من قبَل أن الغرض فى الإضافة ، إنما هو التخصيص ، والتعريف ؛ والشىء لا تُعَرّفه نفسُه ، لأنه لو كان معرفة بنفسه ، لما احتيج إلى إضافته ، وإنما يُضاف إلى غيره ليعرفه.
وذهب محمد بن يزيدَ إلى أن المُعْجَم مصدر ، بمنزلة الإعجام ، كما تقول : أدْخَلْته مُدْخَلا ، وأخرجْتُه مُخْرَجا : أى إدخالا وإخراجا. وحَكى الأخفش أن بعضهم قرأ : ومن يهن الله فما له من مكرَم [ الحج : ١٨ ] بفتح الراء ، أى من إكرام ، فكأنهم قالوا : هذه [ حروف ](١) الإعجام.
__________________
(١) قال محقق ( ط ) : زيادة ضرورية عن سر صناعة الإعراب لابن جنى ( ١ / ٤٠ ) ، ومنه نقل المؤلف كل ما قال فى حروف المعجم.