أسرع أبو سفيان وأمعن في الصحراء الى حيث يعسكر مئتان من خيله ورجاله.
المدينة تغفو هادئة تنتظر الفجر .. تترقّب صياح الديكة ليوم جديد تزرع وتبني وتفجّر الصخر ينابيع ..
سنابك خيل مجنونة تهزّ الأرض وتثير غباراً امتزج مع غبش الفجر.
في « العريض » من أطراف المدينة شبت النار في منزلين وفرّت النسوة والأطفال وذبح رجال .. واحترقت بساتين النخيل وفرّ المغيرون لا يلوون على شيء.
كان أبو سفيان يراقب متلذذاً منظر النار وهي تلتهم أهداب يثرب. ودّ ان هنداً كانت حاضرة علّها تطفئ غليلها.
صراخ الأطفال والنساء يملأ الفضاء المفعم بالسكينة. وتناهت الى اذنيه صهيل خيل غاضبة فهمز فرسه تسبق الريح باتجاه مكّة.
استيقظت مكّة وقد سادتها حمى الحرب وراحت تنفث في الفضاء روح الثأر ... ثلاثة آلاف محارب يلتفون حول أبي سفيان ، والتفت حول هند أربع عشرة امرأة .. وثارت الحمية .. حمية الجاهلية.
وتصاعد دخان البخور لهبل إله الحرب ليأخذ لهم ثأرهم من محمّد.
على ضوء سراج واهن بدا « العباس » مهموماً وهو يكتب الى ابن