٣٨
كما تذوي الشموع في قلب الظلمات ... كما
تذوب وتسيل دموع التوهج .. كانت « فاطمة » تذوي .. قوامها يزداد نحولاً ...
قرّرت فاطمة الصمت وان تصوم كما صامت
مريم من قبل ... وأدرك عليّ ان الرحيل وشيك وان « البيت » الذي بناه من جريد النخل
بـ« البقيع » سيكون ملجأً لفاطمة ... بيتاً للأحزان والآلام ... سيشهد ذلك البيت
انطفاء الشموع .. رحيل النجوم ... ومصرع شمس أضاءت حياته مدّت بالدفء .. النور ...
الأمل.
سكتت فاطمة. والذين اشتكوا من بكائها لم
يعودوا يسمعون انيناً ينبعث من أعماق قلب كسير. لم يعد أحد يسمع نشيجها الاّ الذين
يمرّون بـ « البقيع » ..
غابت فاطمة كما تغيب النجوم خلف السحب
الدكناء. غابت فاطمة كفراشة تبحث عن الشمس .. عن ربيع مضى تطارده رياح شتائية.