ومنَ عليه بنعمةٍ أَوْلَاها : إِذا عددها يريد بها التقريع.
يقال : آفة الجود المنّ ، قال الله تعالى : ( لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِ وَالْأَذى )(١).
وقال تعالى في المنّ الذي هو الإِنعام ، والمنّ الذي هو التقريع : ( يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ )(٢).
ومنَّه السيرُ : أي أضعفه ، قال الراجز :
ومنّه سوقُ المطايا منّا
والمَنّ : القطع ، قال الله تعالى : ( أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ )(٣) : أي غير مقطوع.
و ( غَيْرُ مَمْنُونٍ ) : أي غير منقوص ، ومنه قول لبيد (٤) :
غبس كواسب ما يُمنُ طعامُها
أي : لا ينقص.
وقوله تعالى : ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ )(٥) : قيل : معناه ( لا تَمْنُنْ ) بطاعتك وتأدية الرسالة ( تَسْتَكْثِرُ ) ذلك.هذا قول الحسن ، والمعنى : ولا تمنن أن تستكثر ، قال الكسائي : فإِذا حُذفت « أن » ورُفِعَ كان المعنى واحداً ، ويكون المعنى أيضاً لتستكثر ، وأنشد بعضهم (٦) :
ألا أيها ذا اللائمي أحضر الوغى |
|
وأن أشهد اللذات هل أنت مُخلدي |
وقيل : معناه لا تعط عطاء لتُعطى أكثر منه ، وهو قول طاووس ومجاهد وعكرمة والضحاك.
__________________
(١) البقرة : ٢ / ٢٦٤.
(٢) الحجرات : ٤٩ / ١٧.
(٣) الانشقاق : ( ٨٤ / ٢٥ ) وفصلت : ( ٤١ / ٨ ) والتين : ( ٩٥ / ٦ ).
(٤) هو له في ديوانه : (١٧١) ، وروايته مع صدره :
لمعفر قهد تنازع شلوه |
|
غبس كواسب لا يمن طعامها |
(٥) المدثر : ٧٤ / ٦.
(٦) لطرفة بن العبد ؛ ديوانه (٣١) ، وهو من معلقته ، شرح ابن النحاس : (٨٠) وسيبويه : ( ٣ / ٩٩ ) وانظر حاشية المحقق (٣).