وأقول : ان من حضر وقعة اصفهان من
مخاذلة افغان ومحاصرة هذا العام ، وهو سنة اربع وثلاثين ومائة بعد الالف ، وشاهد
ما جرى في ثمانية اشهر من شدة الغلاء ، حتى ان مناً من الحنطة ـ وهو ثمانية عشر
رطلا بالعراقي ـ بيع بخمسة توامين ، وهو الف درهم ، ثم نفذت الحنطة والارز وسائر
الحبوبات ، وانتهى الامر الى اللحوم ، فمن الغنم الى البقر ، ومنه الى الفرس
والبغل ، ثم الحمير ثم الكلاب والسنور ، ثم لحوم الاموات ، ثم قتل بعضهم بعضا
ابتغاء لحمه. وما وقع في طي ذلك من الموت والقتل ، حتى انه كان يموت في كل يوم الف
الف نفس ، وكان يباع الضياع والفراش والاثاث بربع العشر ودونه ، لا يحصل منه شيء
اصلا.
وبالجملة فورب البيت ما بولغ من ذلك فما
كان جزافا ، اعاذنا الله من مثله. لم يتعجب مما في ذلك التاريخ ، بل يجزم بتا قطعا
انه ما وقعت شدة عظيمة وبلية مرزية من يوم خلق السموات والارضون ، ولايقع مثلها
الى الساعة ، ومع ذلك كان في خارج البلد في غاية الرخص والوفور ، نعوذ بالله من
شرور انفسنا وسيئات اعمالنا انتهى.
ثم قال : فهذان ايضا اقوى شاهدين على
صحة ما بيناه ، وبكلام نفس صاحب العنوان ايدناه ، فلولا انه ادرك برهة من الزمان
بعد فتنة الافغان لما بقي منه اثر ، ولا بلغ من نحوه خبر.
وقال ايضا صاحب الروضات في ترجمة الفاضل
الهندي : ان مرقده الشريف الواقع في شرقي بقعة تخت فولاد اصفهان بجنب معبر القوافل
الى الديار الفارسية من ممالك محروسة ايران ليس على حد سائر مراقد علمائنا الاعيان
، المتوفين في ذلك الزمان ، بل خال عن القبة والعمارة والصحن والايوان ، وكل ما
كان يضعه السلاطين الصفوية على مقابر العلماء الاثنا عشرية من رفيع البنيان.
وظاهر انه لم يكن ذلك الا من جهة وقوع
هذه القضية الهائلة في عين