اوطانها الا مقر يتيم ذي مقربة ، او مسكن مسكين ذي متربة.
فيا اسفاً على الديار واهلها ، ولا سيما الخلان والاصدقاء ، وواحزناه على تخريب المدارس والمعابد وفقدان الفضلاء والعلماء والصلحاء ، ووامصيبتاه على اندراس كتب الفقهاء وانمحاء اثارهم بين الاذكياء الطالبين للاهتداء. ولست افشي لديك مما قصصت عليك شكاية الدهر الغرار الفتون ، بل انما اشكو بثي وحزني الى الله واعلم من الله ما لا تعلمون.
ثم اني وان كنت في تلك الاحوال مبتلى بالضرب والحبس وغصب الاموال ، الا ان الله تعالى بمنه وطوله تفضل عليّ بحفظ العرض والحياة والايمان ، وبقاء بعض الاهل والاولاد والاخوان ، ونزر من الاقارب والخلان.
وكنت قد حمدت الله ربي في خلال تلك الاحيان راجيا من الله سهولة المخرج ، متمسكا بذيل الصبر ، فان الصبر مفتاح الفرج ، محتسبا من الله الاجر ، مفوضا اليه كل امر.
لكن لما تعسرت في اصل البلد اقامتي لكثرة الشدائد والدواهي ، ترحلت الى بعض القرى ـ يعني به خاتون آباد التي هي على فرسخين من اصبهان ـ في جمع من اخواني في الدين وخلاني المتقين ، خلد الله ظلالهم وكثر امثالهم.
ولما كانت تلك القرية آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان ، اطمأن فيها قلبي بعض الاطمينان ، فحمدت الله سبحانه ثانيا ، واقمت فيها متوكلا عليه ، لعل الله يحدث بعد ذلك امرا ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه ، ان الله بالغ امره ، قد جعل الله لكل شيء قدرا.
ثم قال : وقال الفاضل الآقا هادي في ذيل ما نقله عن بعض التواريخ المعتمدة من الاسعار غلت بمصر سنة (٤٦٥) وكثر الموت ، وبلغ الغلاء الى ان امرأة تقّوم عليها رغيف بألف دينار ، وسبب ذلك انها باعت عروضا لها قيمتها الف الف دينار بثلاثمائة دينار ، واشترت عشرين رطلا حنطة ، فنبهت من ظهر الحمال ، فنبهت هي ايضا مع الناس ، فأصابها مما خبزته رغيفا واحدا.