فما استشهد به على اثبات المدعى ، فهو تقدير تمامه لا يشهد له ، وهو لم يذكر آية ولا رواية ولا قولاً يعبأ بقائله يدل على ذلك الوقوع.
ومن الغريب ان يحمل اللفظ على خلاف ظاهره المخالف لا جماعهم واخبارهم من دون شاهد من الكتاب والسنة ، ولا دليل قاطع من العقل.
فان ادلة وجود العقل مدخولة ، فلا يمكن اثباته بها ، وما لا يكون ثابتا بالدليل العقلي اذا كان مخالفا لاجماعهم واخبارهم ، فهو باطل ولا يميل الى تجويز الباطل عاقل.
فقوله ان الماء في هذا الحديث عبارة عن الجوهر العقل القدسي ، مجرد دعوى بلا دليل ، لا يشهد له عقل ولا نقل ، لان لفظ الماء لم يوضع في اللغة ولا في الشرع للعقل الاول ، ولا علاقة بينهما مصححة ، ولا قرينة هنا ليكون الاطلاق مجازيا.
ولم يذهب اليه احد من مفسري المتكلمين في آية ، ولا احد من المحدثين في رواية ، فالتعبير عنه به من دون شياع استعماله فيه ، بل ومع عدم استعماله فيه قطعا ، من قبل التعبير عن آسمان بريسمان من غير قرينة.
فكيف يصح هذا ويسوغ لعاقل ، ولا سيما لمثل السيد الداماد الحكيم المتكلم المتشرع العارف بمحاورات العرب ومواقع استعمالاتهم ، ان يقول به لا على وجه الاحتمال والامكان ، بل على سبيبل القطع ، كأنه اقام عليه قاطع البرهان.
وبمثل هذا التأويل القبيح المستكره ضل وأضله من أضل ، ثم غلطه في التأويل ودعواه ما لا اصل له فيه ، وحمله الكلام على ما لا يحتمله ، كله سهل في جنب اعتقاده هذا لو مات عليه ولم يرجع عنه ، نعوذ بالله منه.
والظاهر ان هذا خطر بباله ، فكتبه ذاهلا عما يلزمه من المفاسد ، او كان ذلك لشدة ميله ومحبته على ما نسجه الفلاسفة وخمنوه ، فكان كما ورد في الخبر : حبك للشيء يعمي ويصم.