فصل : واعلم انّني لما رأيت انّ شهر رمضان أوّل سنة السعادات بالعبادات ، وانّ فيه ليلة القدر الّتي فيها تدبير أمور السنة وإجابة الدعوات ، اقتضى ذلك اني أودّع السنة الماضية واستقبل السنة الآتية بصلاة الشكر ، كيف سلّمني من إخطار ذلك العام الماضي وشرّفني بخلع التراضي وأغناني عن التّقاضي ، وفرّغني لاستقبال هذا العام الحاضر ، ولم يمنعني من الظفر بالسعادة والعبادة فيه بمرض ولا عرض باطن ولا ظاهر.
فصل : ثمّ انّني احضر هذا الكتاب ، عمل شهر الصيام ، وأقبّله واجعله على رأسي وعيني ، وأضمّه إلى صدري وقلبي ، وأراه قد وصل اليّ من مالك امري ليفتح به عليّ أبواب خيري وبرّي ونصري ، وأتلقّاه بحمدي وشكري وشكر الرسول الذي كان سببا لصلاح امري ، كما اقتضى حكم الإسلام تعظيم المشاعر في البيت الحرام وتقبيلها بفم الاحترام والإكرام.
فصل : ثمّ انّني ابدأ بالفعل ، فاسأل الله جلّ جلاله العفو عمّا جرى من ظلمي له وحيفي عليه ، وكلّما هوّنت به من تطهير القلب وإصلاحه لنظر الله جلّ جلاله إليه ، والعفو عن كلّ جارحة أهملت شيئا من مهمّاتها وعباداتها والاجتهاد في التوبة النصوح من جناياتها والصدقة عن كلّ جارحة بما تهيّأ من الصدقات ، لقول الله جل جلاله (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) (١) ، وأتصدّق عن أيّام السنة المستقبلة عن كلّ يوم وليلة برغيف ، لأجل ما رويناه من فضل الصدقة وفائدته.
فصل (٦)
فيما نذكره من شكر الله جلّ جلاله على تقييد الشياطين ومنعهم من الصائمين في شهر رمضان
اعلم انّ الرواية وردت بذلك متظاهرة ومعانيها متواترة متناصرة ، ونحن نذكر من طرقنا إليه ألفاظ الشيخ محمد بن يعقوب ، فانّ كتبه كلّها معتمد عليها.
__________________
(١) هود : ١١٤.