ومواهب غاليات ، وطيّ بساط الغضب والعتاب والعقاب ، والإقبال على صلح أهل الجفاء لربّ الأرباب.
فينبغي ان يكون نهوض المسلم العارف المصدّق بهذه المواهب إلى دخول دار الضيافة بها على فوائد تلك المطالب بالنّشاط والإقبال والسرور وانشراح الصدور ، وان كان قد عامل الله جل جلاله قبل الشّهر المشار إليه معاملة لا يرضاها ، وهو خجلان من دخول دار ضيافته والحضور بين يديه ، لأجل ما سلف من معاصيه.
ولدار هذه الضيافة أبواب كثيرة بلسان الحال :
منها باب الغفلة فلا تلمّ به (١) ولا تدخل منه ، لانّه باب لا يصلح إلاّ لأهل الإهمال ، وانّما يدخل من الباب الّذي دخل منه قوم إدريس وقوم يونس عليهماالسلام ، ومن كان على مثل سوء أعمالهم وظفروا منه بآمالهم.
ويدخل من الباب الذي دخل منه أعظم المذنبين إبليس ، قال الله جلّ جلاله : (فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ. وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ) (٢) ، فدخل عليه جل جلاله من باب تحريم الإياس والقنوط من رحمته وقال : اجْعلني من المنظرين ، فظفر منه جلّ جلاله بقضاء حاجته وإجابة مسألته.
ويدخل أهل العصيان من كلّ باب دخل منه عاص ، انصلحت بالدخول منه حاله وتلقّاه فيه سعوده وإقباله ، ويجلس على بساط الرحمة الّتي اجلس عليه سحرة فرعون لما حضروا المحاربة ربّ الأرباب ، فظفروا منه جلّ جلاله بما لم يكن في الحساب من سعادة دار الثواب.
ويكون على الجالس المخالف لصاحب الرسالة آثار الحياء والخجالة ، لأجل ما كان قد أسلف من سوء المعاملة لمالك الجلالة ، وليظهر عليه من حسن الظن والشكر للمالك الرحيم الشفيق كيف شرّفه بالاذن له في الدخول والجلوس مع أهل الإقبال والتوفيق ان شاء الله تعالى.
__________________
(١) ألمّ به : إذا نزل به.
(٢) ص : ٧٧ ـ ٧٨.