فصل (٥)
فيما نذكره من كيفية الدخول على كرم الله جلّ جلاله في حضرة ضيافته ودار رحمته التي فتحها بدخول شهر رمضان
روينا بإسنادنا إلى المسمعي وإلى معاوية بن عمار انّهما سمعا أبا عبد الله عليهالسلام يوصي ولده ويقول : إذا دخل شهر رمضان اجهدوا أنفسكم في هذا الشهر ، فانّ فيه تقسم الأرزاق وتكتب الآجال ، وفيه يكتب وفد الله الذي يفدون إليه (١) ، وفيه ليلة ، العمل فيها خير من العمل في ألف شهر.(٢)
وروى علي بن عبد الواحد في كتاب عمل شهر رمضان بإسناده إلى أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : عليكم في شهر رمضان بالاستغفار والدعاء ، امّا الدعاء فيدفع (٣) عنكم البلاء ، وامّا الاستغفار فيمحو ذنوبكم(٤).
ورأيت في الجزء الثاني من تاريخ نيسابور في ترجمة خلف بن أيوب العامري بإسناده إلى النبي صلىاللهعليهوآله : انّه كان إذا دخل شهر رمضان تغيّر لونه وكثرت صلاته ، وابتهل في الدعاء وأشفق منه.
واعلم انّ شهر الصيام مثل دار ضيافة فتحت للأنام ، فيها من سائر أصناف الإكرام والانعام ، ومن ذخائر خلع الأمان والرضوان ، وإطلاق كثير من الإسراء بالعصيان ، وتواقيع بممالك وولايات ربّانيّات حاضرات ومستقبلات ، ومراتب عاليات
__________________
(١) أي يقدّر فيه حاج بيت الله ، وفد جمع وافد ، يقال : وفد فلان على الأمير أي ورد رسولا ، فكان الحاج وفد الله وأضيافه نزلوا عليه رجاء برّه وإكرامه ـ مرآت العقول.
(٢) رواه الصدوق في الفقيه ٢ : ٩٩ ، والكليني في الكافي ٤ : ٦٦ ، والشيخ في التهذيب ٤ : ١٩٢ ، عنهم الوسائل ١٠ : ٣٠٥.
(٣) فإنّ الدعاء ليدفع (خ ل).
(٤) رواه مع اختلاف في الفقيه ٢ : ١٠٨ ، فضائل الأشهر الثلاثة : ٧٦ ، الأمالي : ٥٩ عنهما الوسائل ١٠ : ٣٠٤ ، رواه الكليني في الكافي ٤ : ٨٨ ، عنه الوسائل ١٠ : ٣٠٩ ، وفيهم : «فتمحى به ذنوبكم».