فَقَبِلْتَهُمْ وَقَرَّبْتَهُمْ وَقَدَّرْتَ (١) لَهُمُ الذِّكْرَ الْعَلِيَّ وَالثَّناءَ الْجَلِيَّ ، وَأَهْبَطْتَ عَلَيْهِمْ مَلائِكَتَكَ ، وَكَرَّمْتَهُمْ (٢) بِوَحْيِكَ ، وَرَفَدْتَهُمْ بِعِلْمِكَ ، وَجَعَلْتَهُمُ الذَّرِيعَةَ (٣) إِلَيْكَ وَالْوَسِيلَةَ إِلى رِضْوانِكَ.
فَبَعْضٌ أَسْكَنْتَهُ جَنَّتَكَ ، إِلى أَنْ أَخْرَجْتَهُ مِنْها ، وَبَعْضٌ حَمَلْتَهُ فِي فُلْكِكَ وَنَجَّيْتَهُ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ (٤) مِنَ الْهَلَكَةِ بِرَحْمَتِكَ ، وَبَعْضٌ اتَّخَذْتَهُ لِنَفْسِكَ خَلِيلاً ، وَسَأَلَكَ لِسانَ صِدْقٍ فِي الآخرِينَ ، فَأَجَبْتَهُ ، وَجَعَلْتَ ذلِكَ عَلِيّاً ، وَبَعْضٌ كَلَّمْتَهُ مِنْ شَجَرَةٍ تَكْلِيماً ، وَجَعَلْتَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ رِدْءاً (٥) وَوَزِيراً.
وَبَعْضٌ أَوْلَدْتَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَآتَيْتَهُ الْبَيِّناتِ ، وَأَيَّدْتَهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَكُلٌ (٦) شَرَعْتَ لَهُ شَرِيعَةً ، وَنَهَجْتَ لَهُ مِنْهاجاً (٧) ، وَتَخَيَّرْتَ لَهُ أَوْصِياءَ (٨) ، مُسْتَحْفِظاً بَعْدَ مُسْتَحْفِظٍ ، مِنْ مُدَّةٍ إِلى مُدَّةٍ ، إِقامَةً لِدِينِكَ ، وَحُجَّةً عَلى عِبادِكَ ، وَلِئَلاّ يَزُولَ الْحَقُّ عَنْ مَقَرِّهِ ، وَيَغْلِبَ الْباطِلُ عَلى أَهْلِهِ ، وَلا يَقُولَ (٩) أَحَدٌ لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً مُنْذِراً ، وَأَقَمْتَ لَنا عَلَماً هادِياً ، فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى.
إِلى أَنْ إِنْتَهَيْتَ بِالأَمْرِ إِلى حَبِيبِكَ وَنَجِيبِكَ ، مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، فَكانَ (١٠) كَما انْتَجَبْتَهُ سَيِّدَ مَنْ خَلَقْتَهُ ، وَصَفْوَةَ مَنِ اصْطَفَيْتَهُ ، وَأَفْضَلَ مَنِ اجْتَبَيْتَهُ ، وَأَكْرَمَ مَنِ اعْتَمَدْتَهُ ، قَدَّمْتَهُ عَلى أنْبِيائِكَ ، وَبَعَثْتَهُ إِلى الثَّقَلَيْنِ مِنْ عِبادِكَ ، وَأَوْطَأْتَهُ مَشارِقَكَ وَمَغارِبَكَ ، وَسَخَّرْتَ لَهُ الْبُراقَ ، وَعَرَجْتَ بِرُوحِهِ (١١)
__________________
(١) قدمت (خ ل).
(٢) أكرمتهم (خ ل).
(٣) الذريعة : الوسيلة.
(٤) مع من آمن (خ ل).
(٥) الردء : الناصر ، العون.
(٦) كلًّا (خ ل).
(٧) منهاجه (خ ل).
(٨) وصيا (خ ل).
(٩) لئلا يقول (خ ل).
(١٠) وكان (خ ل).
(١١) في المزار القديم ومزار شيخ ابن المشهدي وبعض نسخ مصباح الزائر : به.