إِلى سَمائِكَ ، وَأَوْدَعْتَهُ عِلْمَ ما كانَ وَما يَكُونُ الَى انْقِضاءِ خَلْقِكَ.
ثُمَّ نَصَرْتَهُ بِالرُّعْبِ ، وَحَفَفْتَهُ بِجَبْرَئِيلَ وَمِيكائِيلَ وَالْمُسَوِّمِينَ مِنْ مَلائِكَتِكَ ، وَوَعَدْتَهُ أَنْ تُظْهِرَ دِينَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ، وَذلِكَ بَعْدَ أَنْ بَوَّأْتَهُ (١) مُبَوَّءَ صِدْقٍ مِنْ أَهْلِهِ ، وَجَعَلْتَ لَهُ وَلَهُمْ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ ، لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ ، فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ ، مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً.
وَقُلْتَ (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٢) ، وَجَعَلْتَ أَجْرَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مَوَدَّتَهُمْ فِي كِتابِكَ ، فَقُلْتَ (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٣) ، وَقُلْتَ (ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) (٤) ، وَقُلْتَ (ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) (٥) ، فَكانُوا (٦) هُمُ السَّبِيلُ إِلَيْكَ وَالْمَسْلَكَ إِلى رِضْوانِكَ.
فَلَمَّا انْقَضَتْ أَيَّامُهُ ، أَقامَ وَلِيَّهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طالِبٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِما وَآلِهِما (٧) هادِياً ، إِذْ كانَ هُوَ الْمُنْذِرُ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ، فَقالَ وَالْمَلأُ أَمامَهُ : مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ ، اللهُمَّ والِ مَنْ والاهُ ، وَعادِ مَنْ عاداهُ ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ.
وَقالَ : مَنْ كُنْتُ أَنَا نَبِيهُ (٨) فَعَلِيٌّ أَمِيرُهُ ، وَقالَ : أَنَا وَعَلِيٌّ مِنْ شَجَرَةٍ واحِدَةٍ وَسائِرُ النّاسِ مِنْ شَجَرٍ شَتّى ، وَأَحَلَّهُ مَحَلَّ هارُونَ مِنْ مُوسى ، فَقالَ : أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هارُونَ مِنْ مُوسى إِلاَّ أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي.
__________________
(١) بوّأه : هيّأ له وأنزله فيه.
(٢) الأحزاب : ٣٣.
(٣) الشورى : ٢٣.
(٤) سبأ : ٤٧.
(٥) الفرقان : ٥٧.
(٦) وكانوا (خ ل).
(٧) صلوات الله عليهما وعلى آلهما (خ ل).
(٨) من كنت نبيّه (خ ل).