وهذا شيخنا القميّ عباس صاحب مفاتيح الجنان ، لمّـا كتب كتابه « منازل الآخرة » كان يقرأ الشيخ عبد الرزّاق في حرم السيّدة المعصومة (عليها السلام) بقم في جمع من الناس ، وكان منهم والد الشيخ عبّاس القميّ ، فاستحسن ما كان يفعله الشيخ عبد الرزّاق ، وذات يوم قال لولده : يا ليت أنّك مثل هذا الشيخ الذي يصعد المنبر ويقرأ من كتاب « منازل الآخرة » تقرأ منه أيضاً. ويقول الشيخ عبّاس القميّ : أردت أن أقول لأبي : إنّ هذا الكتاب الذي يقرأه من مؤلّفاتي ، ولكن امتنعت من ذلك ، وقلت لوالدي : تكرّم علَيَّ بالدعاء حتّى يوفّقني الله.
وأخيراً من كان لله كان الله له.
بعد رحلة صاحب الجواهر (قدس سره) إلى جوار ربّه ، انتقلت المرجعيّة إلى تلميذه البارع شيخنا الأعظم الشيخ الأنصاري ، إلاّ أنّه من شدّة ورعه واحتياطه امتنع في بداية الأمر وقال : إنّ سعيد العلماء في إيران كان زميلي في الدراسة ، وكان آنذاك أعلم منيّ وأكثر استيعاباً ، فكتب إليه رسالة يدعوه ليتحمّل مسؤوليّة المرجعيّة ، فأجابه سعيد العلماء (قدس سره) : لقد بقيت أنت خلال المدّة الماضية في الحوزة مشتغلا بالتدريس والمباحثة ، بينما انشغلت أنا باُمور الناس ، ولهذا فأنت أحقّ منيّ بهذا الأمر.
بعد وصول الجواب تشرّف الشيخ الأنصاري بزيارة حرم أمير المؤمنين (عليه السلام) وطلب من ذلك الإمام العظيم أن يعينه بإذن الله تعالى في هذا الأمر الخطير ويسدّد خطاه.
وحول الميرزا الشيرازي الكبير جاء إنّ طلاّب الشيخ الأنصاري بعد وفاة الشيخ اختاروه للمرجعيّة وأصرّوا عليه إصراراً كبيراً حتّى أقنعوه بقبول هذه المسؤولية ، فجرت دموعه على خدّيه ولحيته المباركة ، ثمّ أقسم أنّه لم يخطر في ذهني