( الثاني ) هو أن هذا من كلام المرأة لا من كلام يوسف عليه السلام بدليل أن هذا مسوق إلى كلام المرأة فإنه تعالى قال ( قٰالَتِ اِمْرَأَةُ اَلْعَزِيزِ اَلْآنَ حَصْحَصَ اَلْحَقُّ أَنَا رٰاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ اَلصّٰادِقِينَ ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اَللّٰهَ لاٰ يَهْدِي كَيْدَ اَلْخٰائِنِينَ وَمٰا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ اَلنَّفْسَ لَأَمّٰارَةٌ بِالسُّوءِ ) (١) الكلام على كلام المرأة فقوله تعالى ( ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ ) من كلام المرأة لا من كلام يوسف. والمكنى عنه في قوله ( لَمْ أَخُنْهُ ) هو يوسف. وهو غائب في السجن ، ولم أقل فيه لما سئلت عن قصتي إلا الحق ، وليس في القرآن ما يدل على أن ذلك من قول يوسف عليه السلام. ومهما جعل ذلك من قول يوسف عليه السلام احتيج إلى حذف طويل من رجوع الرسول إلى يوسف عليه السلام ، وإخباره بما قاله له حتى يجيبه يوسف عليه السلام ، ثم رجوع الرسول إلى الملك ثانيا وإخباره إياه بمقالة يوسف عليه السلام حتى يقول الملك ( اِئْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ) (٢) وهذا محال لا يجوز مثله في القرآن ولا في الشعر. ولو جعلنا ذلك من قول يوسف عليه السلام لم يوجب ذلك إلحاق الفاحشة به ، بل هو أدل دليل على براءة ساحته وذلك لأنه قال ( لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ ) ولا خيانة أعظم من الهم بامرأته والقعود منها مقعد الرجل من امرأته.
( الشبهة الرابعة ) أنهم سجنوا يوسف عليه السلام ، وذلك معصية بالاتفاق وأنه عليه السلام قال (رَبِّ اَلسِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمّٰا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) (٣) فيدل ذلك على محبته لتلك المعصية ، ومحبتها معصية.
( الجواب ) من وجهين :
__________________
١ ـ سورة يوسف الآيات ٥١ ـ ٥٢ ـ ٥٣.
٢ ـ سورة يوسف الآية ٥٤.
٣ ـ سورة يوسف الآية ٣٣.