( فإن قلت ) لمّا وصفوه بذلك فقد قدحوا
في عصمته واعتقدوا أنه غير مصيب في أحكامه ومن اعتقد في الرسل ذلك كفر فيلزم القول
بكفر اخوة يوسف.
( قلت ) : الحكم بالإسلام والكفر شرعي
فلعل ذلك لم يكن كفرا في دينهم ، أو يقال مرادهم وصف يعقوب بالغلو في الحب.
وذلك غير مقدور له. فلم يكن وصفهم أباهم
بذلك قدحا في عصمته .
( الشبهة الثالثة ) فلم أرسل يوسف مع
أخوته مع خوفه عليه منهم بقوله تعالى (
وَأَخٰافُ
أَنْ يَأْكُلَهُ اَلذِّئْبُ )
وهل هذا إلا تغريرا؟
( الجواب ) : لا يمتنع أن يعقوب عليه
السلام لما رأى في بنيه من الإيمان والعهود والاجتهاد في حفظ يوسف ظن السلامة ، وبما
ظن أنه لو لم يرسله معهم ، مع مبالغتهم في إظهار الحب ، لاعتقدوا في يعقوب عليه
السلام أنه يتهمهم على يوسف ويصير ذلك سببا للوحشة العظيمة فلهذه الدعاوى بعثه
معهم.
( الشبهة الرابعة ) : لم أسرف يعقوب
عليه السلام في الحزن والبكاء حتى ابيضت عيناه ومن شأن الأنبياء التجلد والتصبر؟
( الجواب ) : التجلد على المصائب وكظم
الحزن مندوب وليس يواجب ، وترك المندوب ليس بمعصية ، على أن يعقوب عليه
__________________