( وثالثها ) : أنه تعالى إنما زوجه إياها كيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا ، ولم يقل : إني فعلت ذلك لأجل عشقك.
( ورابعها ) : قوله تعالى ( زَوَّجْنٰاكَهٰا ) ولو حصل في ذلك سوء لكان قدحا في اللّه تعالى. فثبت بهذه الوجوه أنه لم يصدر منه ذنب البتة في الواقعة.
بقي قوله تعالى ( وَتَخْشَى اَلنّٰاسَ وَاَللّٰهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشٰاهُ ) (١) فنقول : ذكر المحققون فيه وجوها أربعة :
( الأول ) : أن اللّه تعالى لما أراد نسخ ما كان في الجاهلية من تحريم أزواج الأدعياء أوحى اللّه أن زيدا ـ وهو دعى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ـ يطلق زوجته فتزوج أنت بها. فلما حضر زيد ليطلقها أشفق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من أنه لو طلقها للزمه التزوج بها فيصير بذلك سببا لسوء كلام المنافقين فيه فقال له ( أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) (٢) وأخفى في نفسه عزمه على نكاحها بعد طلاقه إياها وهذا التأويل هو المطابق لقوله تعالى ( فَلَمّٰا قَضىٰ زَيْدٌ مِنْهٰا وَطَراً زَوَّجْنٰاكَهٰا ) (٣) فثبت أن العلة في أمره بنكاحها ما ذكرناه من نسخ السنة المتقدمة.
( الثاني ) أن زيدا لما خاصم زوجته زينب ، وهي ابنه عمة النبي عليه الصلاة والسلام وأشرف على طلاقها ، أخبر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه طلقها زيد تزوجها ٤ من حيث إنها كانت ابنة عمته ، وكان يحب ضمها إلى نفسه ، كما يحب أحدنا ضم قراباته إليه حتى لا ينالهم ضرر ، إلا
__________________
١ ـ سورة الاحزاب الآية ٣٧.
٢ ـ سورة الاحزاب الآية ٣٧.
٣ ـ سورة الاحزاب الآية ٣٧.
٤ ـ العبارة مضطربة ولعل فيها نقصا.