فقال : صدقوا و كذبوا !
قلت : و ما صدقوا وكذبوا ؟!
قال : صدقوا ، رَمَل رسول الله صلىاللهعليهوآله بالبيت ، و كذبوا ليس بسنّة ، إنّ قريشاً قالت زمن الحديبية ، دعوا محمداً و أصحابه حتّى يموتوا موتَ النغف (١) ، فلما صالحوه على أن يقدموا من العام المقبل و يقيموا بمكة ثلاثة أيام ، فقدم رسول الله ، و المشركون من قبل قعيقعان ، فقال رسول الله لأصحابه : ارملوا بالبيت ثلاثاً ، وليس بسنّة.
قلت : و يزعم قومك أنّه طاف بين الصفا و المروة على بعير ، و أنّ ذلك سنة ؟
فقال : صدقوا و كذبوا !
فقلت : و ما صدقوا و كذبوا ؟!
فقال : صدقوا ، قد طاف بين الصفا و المروة على بعير ، و كذبوا ليست بسنّة ، كان الناس لا يُدْفَعون عن رسول الله ولا يُصْدَفُون عنه فطاف على بعير ، ليسمعوا كلامه و لا تناله أيديهم ... (٢)
و جاء رجل إلى ابن عبّاس فقال : إنّ مولاك إذا سجد وضع جبهته و ذراعيه و صدره بالأرض ، فقال له ابن عبّاس : ما حملك على ما تصنع ؟
قال : التواضع.
_______________________________
(١) النَّغَفُ : دود يسقط من أُنوف الدوابٌ ، و العرب تقول لكلّ ذليل حقير : ما هو إلاّ نَغَفَة ؛ تُشبِّه بهذه الدودة. انظر عون المعبود ٥ : ٢٣٧ ، و لسان العرب ٩ : ٣٣٨.
(٢) مسند أحمد ( ٢٧٠٧ ، ٢٧٠٨ ، ٣٥٣٤ ، ٢٠٢٩ ، ٢٨٤٣ ، ٢٢٢٠ ، ٢٠٧٧ ، ٣٤٩٢ ) كما في جامع المسانيد و السنن ٣١ : ٢٨.