بقين من صفر سنة احدىٰ عشرة للهجرة ، فلما كان من الغد دعا أسامة فقال له : سر إلىٰ موضع قتل أبيك فأوطئهم الخيل فقد وليتك هذا الجيش ، فاغز صباحاً علىٰ أهل بني ... فلما كان يوم الثامن والعشرين من صفر ، بدأ به صلىاللهعليهوآلهوسلم مرض الموت فحم وصدع فلما أصبح اليوم التاسع والعشرين ووجدهم متثاقلين ، فخرج إليهم وحرضهم علىٰ السير ، وعقد صلىاللهعليهوآلهوسلم اللواء لأسامة بيده الشريفة ، تحريكاً لحميتهم ، وارهافاً لعزيمتهم. ثم قال « اغز بسم الله وفي سبيل الله وقاتل من كفر بالله » فخرج بلوائه معقوداً فدفعه إلىٰ بريدة وعسكر بالجرف ثم تثاقلوا هناك فلم يبرحوا.
لا نريد الإطالة في الرواية ولكن المعني في هذا السرد ذكر الأحداث المهمة وبالضبط تحديد طبيعة العقليات التي تشكلت خلال المرحلة الأخيرة من حياة الرسول ، إنه من الجلي والواضح هنا هو هذا الرفض والتثاقل عن الاستجابة لهذا الامر النبوي وهو الجهاد في سبيل الإسلام من إجلاء إعلاء لواءه ، بالرغم من ذلك فإن تيار الرفض وقف مرة أخرىٰ إتجاه كلام المعصوم صلىاللهعليهوآلهوسلم. بالرغم من تشديده علىٰ إبعاث السرية حتىٰ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم « لعن الله المتخلفين عنها » (١) وكان كبار الصحابة فيها وعلىٰ رأسهم أبو بكر وعمر.
إن دراسة هذا الحديث يبين لنا جوانب خفية لعبت دوراً مهما في
______________
(١) أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة نقلاً عن المراجعات ص ٢٦٠.