شاتمه أو قاتله فليقل : إني صائم » (١). فهل يقوله بقلبه أو بلسانه؟ وجهان :
فذهب جماعة إلى أنه : يذكّر نفسه بذلك لينزجر ، فإنه لا معنى لذكره بلسانه إلا إظهار العبادة ، وهو رياء أو معرض له (٢). وبناء هذا التنزيل على الأخير واضح ، وعلى الثاني بالحمل على أحد معاني المشترك لقرينة ، وعلى الأول بجعل القرينة مرجّحة للمعنى المجازي.
وقيل : بل يقوله بلسانه ، حملا على المعنى الحقيقي ، أو لأنه أقرب إلى إمساك صاحبه عنه (٣).
وفصّل ثالث فقال : إن كان الصوم واجبا قال بلسانه ، وإن كان ندبا فبقلبه ، لبعد الأول عن الرياء ، وقرب الثاني (٤). وهو حسن ، إلا أن يثق بعدم الرياء والسمعة ، فاللسان أولى فيهما ، مراعاة للحقيقة.
ومنها : إذا حلف أن لا يتكلم ، أو لا يذكر كذا ، فإنه لا يحنث إلا بما تكلّم بلسانه ، دون ما يجريه على قلبه. ووافق القائل بالكلام النفسيّ هنا ، ولعله فهم التخصيص من العرف (٥).
ومنها : ما قالوه في حد الغيبة : « أنها ذكر الشخص بما يكرهه بشروطه المقررة » وهو لفظ الحديث النبوي (٦).
__________________
(١) صحيح البخاري ٣ : ٣٤ كتاب الصوم ، صحيح مسلم ٢ : ٥٠٧ حديث ١٦٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٣٩ حديث ١٦٩١ ، الموطأ ١ : ٣١٠ كتاب الصيام حديث ٥٧.
(٢) فتح العزيز٦ : ٤٢١ ، معالم السنن ( مختصر سنن أبي داود ) ٣ : ٢٤٠
(٣) المجموع ٦ : ٣٥٦ ، معالم السنن ٣ : ٢٤٠.
(٤) شرح صحيح مسلم للنووي ( إرشاد الساري ) ٥ : ١٣١ ، واستحسنه الروياني كما في التمهيد للأسنوي : ١٣٧.
(٥) في « ح » : من أمثال العرف.
(٦) مجالس الشيخ : ٣٤١ ، الوسائل ٨ : ٥٩٨ أبواب أحكام العشرة باب ١٥٢ ح ٩ ، صحيح مسلم ٥ : ١٦٢ باب تحريم الغيبة حديث ٧٠ ، الموطأ ٢ : ٩٨٧ كتاب الكلام حديث ١٠.