ويشهد له الحديث : أنه صلىاللهعليهوآله كان إذا ذكر كلاما أعاده ثلاثا (١).
وفرع عليه : أنّ من كرر ما يقبل التكرار أربع مرات مثلا ، وادعى قصد التأكيد ، لا يقبل في الرابعة ؛ والمتجه خلاف ذلك ، وقبول التأكيد مطلقا ، وإن خرج عن القانون النحوي ، على تقدير تسليمه.
قاعدة « ١٩٤ »
جزم النحويون بأنّ فائدة التوكيد بكل ونحوه رفع احتمال التخصيص ، وعلى أن فائدته في « النّفس » و « العين » رفع احتمال التجوّز ، فإنك لو قلت مثلا : جاء الأمير ، فيحتمل إرادة أتباعه وخدمه.
إذا تقرر ذلك فمقتضاه : أنه لو قال : زوجاتي كلّهن طوالق ، وعبيدي كلّهم أحرار ، وأخرج بعضهم بنيته ، لم يؤثر التخصيص شيئا.
والحق جوازه ، لأنه لو امتنع لامتنع التصريح به ، وليس كذلك ، بدليل قوله تعالى ( فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) (٢).
وحيث يقبل التخصيص فهو بحسب الواقع. ولكن هل يقبل قوله في قصده؟ يحتمله ، لأنه لا يعلم إلا من قبله ؛ وعدمه ، لمخالفته دلالة اللفظ ، كما لو ادعى عدم القصد إلى الصيغة الصريحة في موضع لا يجوز له الرجعة.
والتحقيق ما قاله البيانيون (٣) من احتمال التوكيد فوائد غير ما ذكر ، منها تقرير المسند إليه ، وتحقيق مفهومه ، بحيث لا يظن به غيره ، نحو : جاء زيد زيد ، إذا ظن غفلة السامع عن سماع المسند إليه ، أو حمله على معناه.
__________________
(١) مختصر سنن أبي داود ٥ : ٢٤٩.
(٢) الحجر : ٤٠.
(٣) مختصر المعاني : ٧٨.