ولا فرق بين تقديم الشرطين وتأخيرهما وتفريقهما. ولو ادعى المتلفظ أنه أراد أحدهما فلا إشكال في القبول ، خصوصا لو ادعى إرادة التأكيد.
ومنها : إذا كرر المتكلم « ما » النافية ونحوها ، فقال مثلا : ما ما قام زيد. فالمفهوم من كلام العرب كما قاله أبو حيان (١) ، بل صريح بعضهم ، كقول كثير : لا لا أبوح بحب غرّة إلى آخره ، أنّ الكلام باق على النفي ، وأن « ما » الثانية توكيد لفظي للأولى.
ويتفرع على ذلك فروع كثيرة تجري في أبواب متفرقة كقوله : ما ماله عندي شيء ، وما ما بعته هذه العين ونحو ذلك ، فلا يترتب على هذا الكلام شيء.
لكن ذكر بعضهم (٢) أن نفي النفي إثبات ، وأن التقدير يصير في المثالين المذكورين : له عندي شيء ، وبعته هذه العين ؛ بناء على أنّ التأسيس خير من التأكيد ، وهو بعيد. نعم لو ادعى المقرّ أنه أراده قبل منه.
ولو ادعى المقرّ له إرادة المقر ذلك ، ففي توجه اليمين على المقر وجه قوي ؛ مأخذه عموم اليمين على من أنكر. ووجه العدم أنه اختلاف في الإرادة ، وهي من الأمور الخفية على غير المريد.
وفي أبواب الفقه نظائر كثيرة ـ يتوجه فيها اليمين على مدعي الإرادة ـ تؤيد الأول.
فائدة :
قال بعض العلماء العرب : لا تؤكد أكثر من ثلاث مرات (٣).
__________________
(١) التمهيد للأسنوي : ١٦٩.
(٢) نقله عن الرافعي في التمهيد : ١٧٠.
(٣) حكاه في التمهيد : ١٧١.