إذا علمت ذلك فيتفرع عليه فروع :
منها : ما إذا أوصى في الكفارة المخيّرة بخصلةٍ معيّنة ، وكانت قيمتها تزيد على قيمة الخصلتين الباقيتين ، فهل تعتبر من الأصل؟ وجهان :
أحدهما : نعم ، لأنه تأدية واجب مالي ، خصوصاً إذا قلنا : إن الواجب أحدها.
وأجودهما : اعتباره من الثلث ، لأنه غير متحتم ، وتحصل البراءة بدونه.
وعلى هذا فالمعتبر منه ما بين القيمتين ، لأن أقلهما لازم على كل حال.
ويحتمل ضعيفاً اعتبار جميع قيمة المخرج من الثلث ، فإن لم يف به عُدل إلى غيره ، لأنه فرد غير متعيّن للإخراج ، فكان كالتبرع.
ومنها : إذا أتى بالخصال معاً ، فإنه يثاب على كل واحد منها على ما ذكره جماعة (١) ، لكن ثواب الواجب أكثر من ثواب التطوّع ، ولا يحصل إلا على واحد فقط ، وهو أعلاها إن تفاوتت ، لأنه لو اقتصر عليه لحصل له ذلك ، فإضافة غيره إليه لا تنقضه ، وإن تساوت فعلى أحدها. ولو ترك الجميع عوقب على أقلها ، لأنه لو اقتصر عليه لأجزأه.
ومنها : ما لو كان بعض الأفراد داخلاً في البعض الآخر ، كمسح الرّأس في الوضوء ، حيث إنّ الواجب منه أمر كلي يحصل في ضمن المسح بإصبع وأزيد في محله ، فإن مسح جميع المقدّم أُثيب عليه ، سواء مسحه دفعة أو على التعاقب ، بناء على ما سلف من الإثابة على فعل جميع أفراد الواجب المخيّر ، أو بجعل المجموع فرداً واحداً كاملاً ، كما إذا مسح أزيد من المسمى.
ولكن هل يوصف المجموع بالوجوب (٢) فيثاب عليه ثواب الواجب ، أم يكون الواجب مسمّاه والباقي سنة؟ أوجه يأتي الكلام فيها إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) نقله عن شرح المعالم لابن التلمساني في التمهيد : ٨١.
(٢) في « م » : بالواجب.