ومن مشكل ما يتفرع عليه :
تحريم أمهات النساء عند عدم الدخول بالأزواج وعدمه. وتنقيح المبحث : إنه لا خلاف في اشتراط الدخول بالأم في تحريم الربيبة ، وإنما الخلاف في اشتراطه في تحريم أم الزوجة ؛ ومنشأ الاختلاف من قوله تعالى ( وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ) (١).
فذكر جملتين ، إحداهما : أمهات النساء ، والثانية : الربائب ، ثم وصفهن بقوله ( مِنْ نِسائِكُمُ اللّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ) فإن جعلنا الوصف راجعا إلى الجملة الأخيرة مطلقا أو مع اشتباه الحال انحصر اشتراط الدخول في التحريم بالربائب ، وبقيت جملة ( أمهات ) عامة شاملة لأمهات المدخول بهنّ وغيرهن.
وإن قلنا بعوده إلى الجملتين ، فمنهم (٢) من إعادة إليهما هنا ، وجعل الدخول بالنساء شرطا في تحريم أمهاتهن وبناتهن ، إما من جهة مفهوم الوصف ، أو من قوله بعد ذلك ( فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ ) (٣) وإلى هذا القول ذهب ابن أبي عقيل من أصحابنا (٤). وهو أحد قولي الشافعي ، بناء على أصلهما من عود الصفة إلى الجميع.
ومنهم (٥) من منع من عوده هنا إلى الجملتين لعارض ، وإن عاد إليهما لولاه ، وهو في معنى القرينة الصارفة عنهما (٦) ؛ وذلك من جهة قوله
__________________
(١) النساء : ٢٣.
(٢) حكاه عن داود ومالك في التذكرة ٢ : ٦٣٠ ، وعن بشر المربسي ومحمد بن شجاع في شرح فتح القدير ٣ : ١١٩.
(٣) النساء : ٢٣.
(٤) نقله عنه العلامة في المختلف ٢ : ٥٢٢.
(٥) نهاية المحتاج ٦ : ٢٧٥ ، تذكرة الفقهاء٢ : ٦٣٠.
(٦) الكشاف ١ : ٤٩٤.