الأخير أعم ، لأنه يصح أن يجاب به عن الآية الأخيرة والبيت (١).
وأجيب عن الآية الثانية أيضا : بأن « سوّاه » عطف على الجملة الأولى لا الثانية. وعن البيت : بأن السؤدد ، قد يأتي للأعلى من الأدنى (٢) كما قيل :
وكم أب قد علا بابن ذرى حسب |
|
كما علت برسول الله عدنان (٣) |
وأما المهلة : فزعم الفراء أنها تتخلف ، للآية الأخيرة ، وقولهم : أعجبني إلى آخره (٤). وقد تقدمكم جوابه.
إذا عرفت ذلك فيتفرع عليه أمور :
منها : إذا قال لوكيله : بع هذا ثم هذا ، ونحو ذلك.
ومنها : في الوقف ، إذا قال : وقفت على زيد ثم عمرو ، أو قال : أوصيت إلى زيد ثم عمرو ، فلا بدّ من الترتيب.
وقياس كونها للانفصال : أن لا يصح تصرّف الوكيل والوصي متصلا بولاية الأول ، وأن يكون الوقف منقطعا في لحظة ، ويشكل على القول ببطلان المنقطع. والأولى حمل « ثم » هنا على معنى الفاء ، كما تقدم في عكسه (٥).
ومنها : لو قال لوكيله : طلّق زوجتي ثم خذ مالي منها ، وقد قال بعضهم هنا : إنه يجوز تقديم أخذ المال ، لأنه زيادة خير ، خلاف القاعدة (٦).
وفيه نظر ، لأنه ممنوع من القبض قبل ذلك ، وزيادة الخير إنما تسوغ للوكيل إذا لم يصرح الموكّل بخلافه ، كما لو قال : بعه بمائة ، ولا تبعه بزيادة
__________________
(١) مغني اللبيب ١ : ١٥٩.
(٢) نقله عن ابن عصفور في مغني اللبيب ١ : ١٦٠.
(٣) القائل هو ابن الرومي ، وهو علي بن العباس بن جريج (٢٨٣ ه ) شاعر كثير الهجاء والتشاؤم ، نقله في المغني ١ : ١٦٠.
(٤) نقله عنه في المغني ١ : ١٦٠.
(٥) ص ٤٥١ ، قاعدة ١٥٨.
(٦) نقله عن الرافعي في التمهيد : ٢١٧.