فإن سأل جماعة : فاختلفت فتاواهم فقال قوم :
لا يجب عليه البحث عن أورعهم وأعلمهم ، وقال آخرون : يجب عليه ذلك (١). وهذا هو الحق عندنا ، وهو مروي في مقبول عمر بن حنظلة المشهور (٢).
وحينئذ فإذا اجتهد ، فإن ترجّح أحدهما مطلقا في ظنه تعيّن العمل بقوله ، وإن ترجّح أحدهما في الدين واستويا في العلم
أو بالعكس ، وجب الرجوع إلى أعلم الورعين ، وأورع العالمين. وإن استويا مطلقا ـ وقد قيل بعدم جواز وقوعه (٣) ـ تخيّر. والتفريع على ذلك واضح.
فائدة ، وهي خاتمة القسم الأول :
ليس كل مجتهد في العقليات مصيبا ، بل الحق فيها واحد. فمن أصابه أصاب ، ومن أخطأه أخطأ وأثم إجماعا.
وأما المجتهد في المسائل الفرعية ففيه خلاف يبنى على أنّ كل صورة هل لها حكم معيّن أم لا؟
وقد لخّص الرازي هذا الخلاف (٤) فقال : اختلف العلماء في الواقعة التي لا نصّ فيها على قولين :
أحدهما : وبه قال الأشعري وجمهور المتكلمين ، أنه ليس لله تعالى فيها
__________________
(١) نقل الأول عن القاضي أبي بكر واختاره في الإحكام ٤ : ٢٤٢ ، واختار الثاني في المحصول ٢ : ٥٣٣ ، ونقله الآمدي عن أحمد وابن سريج والقفال.
(٢) الكافي ٧ : ٤١٢ باب كراهية الارتفاع إلى قضاء الجور حديث ٥ ، الفقيه ٣ : ٩ حديث ٣٢٣٣ ، التهذيب ٦ : ٣٠١ حديث ٨٤٥ ، الاحتجاج : ٩٤ ، الوسائل ١٨ : ٧٥ أبواب صفات القاضي باب ٩ حديث ١.
(٣) المحصول ٢ : ٥٣٣.
(٤) راجع المحصول ٢ : ٥٠٣.