قائمة الکتاب
إعدادات
تمهيد القواعد
تمهيد القواعد
المؤلف :زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]
الموضوع :أصول الفقه
الناشر :مكتب الإعلام الإسلامي
الصفحات :648
تحمیل
قبل الاجتهاد حكم معيّن ، بل حكمه تعالى فيها تابع لظن المجتهد. وهؤلاء هم القائلون بأن « كل مجتهد مصيب ».
واختلف هؤلاء فقال بعضهم : لا بد أن يوجد في الواقعة ما لو حكم الله تعالى فيها بحكم لم يحكم إلا به ، وقال بعضهم : لا يشترط ذلك.
والقول الثاني : أنّ له تعالى في كل واقعة حكما معينا.
وعلى هذا فثلاثة أقوال :
أحدها : وهو قول طائفة من الفقهاء والمتكلمين ، يحصل الحكم من غير دلالة ولا أمارة ، بل هو كدفين يعثر عليه الطالب اتفاقا ، فمن وجده فله أجران ، ومن أخطأه فله أجر.
والقول الثاني : عليه أمارة ، أي دليل ظني ، والقائلون به اختلفوا فقال بعضهم : لم يكلف المجتهد بإصابته لخفائه وغموضه ، فلذلك كان المخطئ فيه معذورا مأجورا ، وهو قول جمهور الفقهاء ؛ وينسب إلى الشافعي وأبي حنيفة.
وقال بعضهم : إنه مأمور بطلبه أولا ، فإن أخطأ وغلب على ظنه شيء آخر تغير التكليف ، وصار مأمورا بالعمل بمقتضى ظنه.
والقول الثالث : أن عليه دليلا قطعيا ، والقائلون به اتفقوا على أن المجتهد مأمور بطلبه ، لكن اختلفوا ، فقال الجمهور : إن المخطئ فيه لا يأثم ولا ينقض قضاؤه ، وقال بشر المريسي بالتأثيم ، والأصم بالنقض.
والّذي نذهب إليه : أنّ له تعالى في كل واقعة حكما معينا عليه دليل ظني ، وأنّ المخطئ فيه معذور ، وأنّ القاضي لا ينقض قضاؤه (١).
إذا علمت ذلك فللمسألة فروع :
منها : أنّ المجتهد في القبلة إذا ظهر خطؤه ، هل يجب عليه القضاء أم لا؟
__________________
(١) هذا حاصل كلام الرازي في المحصول ٢ : ٥٠٣.