قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    تمهيد القواعد

    تمهيد القواعد

    322/648
    *

    قبل الاجتهاد حكم معيّن ، بل حكمه تعالى فيها تابع لظن المجتهد. وهؤلاء هم القائلون بأن « كل مجتهد مصيب ».

    واختلف هؤلاء فقال بعضهم : لا بد أن يوجد في الواقعة ما لو حكم الله تعالى فيها بحكم لم يحكم إلا به ، وقال بعضهم : لا يشترط ذلك.

    والقول الثاني : أنّ له تعالى في كل واقعة حكما معينا.

    وعلى هذا فثلاثة أقوال :

    أحدها : وهو قول طائفة من الفقهاء والمتكلمين ، يحصل الحكم من غير دلالة ولا أمارة ، بل هو كدفين يعثر عليه الطالب اتفاقا ، فمن وجده فله أجران ، ومن أخطأه فله أجر.

    والقول الثاني : عليه أمارة ، أي دليل ظني ، والقائلون به اختلفوا فقال بعضهم : لم يكلف المجتهد بإصابته لخفائه وغموضه ، فلذلك كان المخطئ فيه معذورا مأجورا ، وهو قول جمهور الفقهاء ؛ وينسب إلى الشافعي وأبي حنيفة.

    وقال بعضهم : إنه مأمور بطلبه أولا ، فإن أخطأ وغلب على ظنه شي‌ء آخر تغير التكليف ، وصار مأمورا بالعمل بمقتضى ظنه.

    والقول الثالث : أن عليه دليلا قطعيا ، والقائلون به اتفقوا على أن المجتهد مأمور بطلبه ، لكن اختلفوا ، فقال الجمهور : إن المخطئ فيه لا يأثم ولا ينقض قضاؤه ، وقال بشر المريسي بالتأثيم ، والأصم بالنقض.

    والّذي نذهب إليه : أنّ له تعالى في كل واقعة حكما معينا عليه دليل ظني ، وأنّ المخطئ فيه معذور ، وأنّ القاضي لا ينقض قضاؤه (١).

    إذا علمت ذلك فللمسألة فروع :

    منها : أنّ المجتهد في القبلة إذا ظهر خطؤه ، هل يجب عليه القضاء أم لا؟

    __________________

    (١) هذا حاصل كلام الرازي في المحصول ٢ : ٥٠٣.