له برطوبة ، فإنه يعمل بالأصل ، وهو الطهارة ، وعدم مباشرته ، وإن كان الظاهر خلافه. حتى لو كان الإناء فيه مثل اللبن مما يظهر على العضو ، ووجد على فم الكلب أثره ، لم يحكم بالنجاسة ، على ما صرّح به جمع من الأصحاب (١).
ومنها : معاملة الظالمين ، ومن لا يتوقّى المحارم ، بحيث يظن تحريم ما بيده ، فإن الأصل الحل ، وإن كرهت معاملتهم.
ومنها : البناء على تمام الشهر ، لو لم يتمكن من رؤية الهلال لغيم ونحوه ، حيث لا قائل بالرجوع إلى غيره من الأمارات ؛ وإلا كان من باب الخلاف في ترجيح أيهما ، كما لو غمّت الشهور.
منها : إذا ادّعت الزوجة ـ بعد (٢) طول بقائها مع الزوج ويساره ـ أنه لم يوصلها النفقة الواجبة ، فقد قال الأصحاب : القول قولها ، لأن الأصل معها ، مع أن العادة والظاهر لا يحتمل ذلك.
ولو قيل بترجيح الظاهر كان وجها في المسألة ليس بذلك البعيد ، إلا أنّ القائل به غير معلوم ؛ لكن بعضهم أشار إليه في تعريف المدعي والمنكر حيث إنّ معها الأصل ، ومعه الظاهر ، فهو مدّعي على الأول ، وهي على الثاني. وكذا على القول بأنه يخلّى وسكوته ، أو يترك لو ترك.
القسم الثالث :
ما عمل فيه بالظاهر ، ولم يلتفت إلى الأصل ، وله صور :
منها : إذا شكّ بعد الفراغ من الطهارة ، أو الصلاة أو غيرهما من العبادات ، في فعل من أفعالها ، بحيث يترتب عليه حكم ، فإنه لا يلتفت إلى الشك ، وإن كان الأصل عدم الإتيان به ، وعدم براءة الذّمّة من التكليف به ؛
__________________
(١) جواهر الفقه ( الجوامع الفقهية ) : ٤١٠.
(٢) في « م » : مع.