واستثنى الآمدي وابن الحاجب صورة واحدة ، وهي ما إذا قال : أعتق رقبة ، ثم قال : لا تملك كافرة أو لا تعتقها (١) ، وهو واضح.
ولا فرق في هذا القسم ـ وهو حالة الاختلاف ـ بين أن يتحد سببهما ويختلف ، وقيل : يجمع بينهما مع اتحاد السبب (٢) كالوضوء والتيمم ، فإن سببهما واحد وهو الحدث ، وقد وردت اليد في التيمم مطلقة ، وفي الوضوء مقيدة بالمرافق ، فحمله عليه بعضهم لاتحاد السبب (٣).
وإن اتحد حكمهما ، نظر إن اتحد سببهما ، كما لو قيل في الظهار : أعتق رقبة ، وقيل فيه أيضا : أعتق رقبة مؤمنة ، فلا خلاف في حمل المطلق على المقيد ، حتى يتعين إعتاق المؤمنة ، لأن فيه إعمالا للدليلين ، لا المقيد على المطلق حتى يجزي إعتاق الكافرة ، لأنه يؤدي إلى إلغاء أحدهما.
ثم اختلفوا ، فصحّح جماعة أنّ هذا الحمل بيان للمطلوب ، أي دالّ على أنه كان المراد من المطلق هو المقيد (٤). وقيل : يكون نسخا ، أي دالّا على نسخ حكم المطلق السابق بحكم المقيد الطارئ (٥).
وإن لم يتحد سببهما ، كإطلاق الرقبة في آية الظهار (٦) ، وتقييدها بالأيمان في آية القتل (٧) ففيه ثلاثة مذاهب :
أحدها : أن تقييد أحدهما يدل بلفظه على تقييد الآخر ، لأن القرآن
__________________
(١) الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٦ ، منتهى الوصول : ٩٩.
(٢) نقله عن أصحابه الشافعية في التمهيد : ٤١٩ ، ونقله الغزالي عن أكثر الشافعية كما في مسلم الثبوت١ : ٣٦١.
(٣) الأم ١ : ٤٩.
(٤) المعتمد ١ : ٢٨٩ ، الإحكام للآمدي ٣ : ٧ ، منتهى الوصول : ٩٩.
(٥) فواتح الرحموت١ : ٣٦٢ ، أصول السرخسي ١ : ١٥٩.
(٦) والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا. ( المجادلة : ٣ ).
(٧) ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلّمة إلى أهله ( النساء : ٩٢ ).