وفرّق بعضهم بين ما لو قدّم المستثنى منه فقال : أربعتكنّ إلا فلانة طوالق ؛ وبين ما لو أخّره ، فصحح المتقدم دون المتأخر (١) ، وهو تحكّم.
مسألة :
اختلفوا في أنّ الاستثناء ، هل هو إخراج قبل الحكم أو بعده؟ فإذا قال مثلا : له عليّ عشرة إلا ثلاثة. فالأكثرون على أنّ المراد بالعشرة سبعة ، و « إلا » قرينة مثبتة لذلك كالتخصيص (٢).
وقال القاضي : عشرة إلّا ثلاثة ، بإزاء سبعة ، كاسمين مركب ومفرد (٣).
وقيل : المراد بالعشرة مدلولها ، ثم أخرجت منها ثلاثة ، وأسندنا إليه بعد الإخراج ، فلم يسند إلا إلى سبعة (٤).
وقد تبيّن بما ذكرناه أنّ الاستثناء على قول القاضي ليس بتخصيص ؛ وعلى رأي الأكثرين تخصيص ، لأن اللفظ قد أطلق لبعضه إرادة وإسنادا ؛ وعلى الأخير محتمل لكونه أريد الكل وأسند إلى البعض.
ومن فروع المسألة :
ما ذكره بعضهم : أن الاستثناء من العدد يجوز مع تقديم الاستثناء عن المستثنى منه ، ولا يجوز مع تأخيره ، كقولنا : له عليّ عشرة إلا درهما. وعلّله بأن صيغ الأعداد ليست صيغ عموم ، وإنما هي أسماء الأعداد خاصة ، فقوله : إلا كذا ، رفع للحكم عنه بعد التنصيص عليه (٥).
قيل : ومن فوائد الخلاف أيضا التقديم به عند التعارض ، فإنا إذا
__________________
(١) المغني والشرح الكبير ٨ : ٣١١ ، ونقله عن الترغيب في كتاب الفروع ٥ : ٤١٣.
(٢) كما في مسلّم الثبوت ( فواتح الرحموت ) ١ : ٣١٦.
(٣) نقله عنه في فواتح الرحموت١ : ٣٢٠ ، ومنتهى الوصول : ٨٩ ، والتمهيد : ٣٨٨.
(٤) فواتح الرحموت١ : ٣١٧ ، منتهى الوصول : ٨٩.
(٥) كتاب الفروع ٥ : ٤١٣ ، التمهيد للأسنوي : ٣٨٨.