وفيه نظر ، لجواز رجوعه إلى الوجوب المخيّر ، فلا يلزم ارتفاع الوجوب مطلقا.
ومنها : التحريم بالرضاع ، استنبطوا منه معنى ، وهو وصول اللبن إلى الجوف ، وعدّوه إلى ما لا يصدق عليه اسم الرضاع ، كالاستعاط (١) وأكل الجبن المعمول من لبن المرأة.
وهذا عندنا فاسد ، وإنما المعتبر صدق اسم الرضاعة ، الّذي لا يتحقق إلا بالتقام الرضيع الثدي وشربه منه.
ومنها : جواز الحط عن المكاتب بدلا عن الإيتاء المأمور به في قوله تعالى ( وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ ) (٢) قالوا : لأن المعنيّ في الإيتاء هو الرفق ، والرفق في الحطّ أكثر من تكليف إعطائه ثم ردّه عليه.
وهذا عندنا على سبيل الاستحباب إن لم يجب على المولى حق كالزكاة ، وإلا وجب مع حاجة المكاتب إليه.
مسألة :
اختلفوا في المقدار الّذي يشترط بقاؤه بعد تخصيص العام على أقوال : أحدها ـ وإليه ذهب الأكثرون (٣) ـ أنه لا بد من بقاء جمع كثير ، سواء كان العام جمعا كالرجال ، أم غير جمع كمن وما وأين ، إلا أن يستعمل ذلك العام في الواحد تعظيما له ، وإعلاما بأنه يجري مجرى الكثير كقوله ( فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ ) (٤).
__________________
(١) استعط الدواء : أدخله في أنفه ( أقرب الموارد ١ : ٥١٧ ، لسان العرب ٧ : ٣١٤ ).
(٢) النور : ٣٣.
(٣) كالرازي في المحصول ١ : ٣٩٩ ، وأبي الحسين في المعتمد ١ : ٢٣٦ ، والبيضاوي في المنهاج ( نهاية السؤل ) ٢ : ٣٨٥.
(٤) المرسلات : ٢٣.