واختلفوا في ذلك الكثير : ففسره ابن الحاجب : بأنه الّذي يقرب من مدلوله قبل التخصيص (١). ومقتضى هذا أن يكون أكثر من النصف.
وفسّره البيضاوي : بأن يكون غير محصور (٢).
وقيل : يجوز التخصيص إلى أن ينتهي إلى أقل المراتب التي يطلق عليها ذلك اللفظ المخصوص ، مراعاة لمدلول الصيغة (٣) ، فعلى هذا يجوز التخصيص في الجمع ـ كالرجال ونحوه ـ إلى ثلاثة ، لأنها أقل مراتبه على الصحيح. وفي غير الجمع ـ كمن وما ـ إلى الواحد ، فيقول : من يكرمني أكرمه ، ويريد به شخصا واحدا.
وقيل : يجوز إلى الواحد مطلقا ، جمعا كان أم غيره (٤) ، لقوله تعالى ( الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ ) (٥) والمراد به نعيم بن مسعود الأشجعي (٦).
ومن فروع المسألة :
ما إذا قال : نسائي طوالق ، ثم قال : كنت أخرجت ثلاثا ، فعلى الأول لا يقبل ، لأن اسم النساء لا يقع على الواحدة ، ولو قال : عزلت واحدة بنيتي قبل.
ولو قال : عزلت اثنتين ، فوجهان مرتبان.
ومنها : ما إذا قال : والله لا أكلّم أحدا ، ونوى زيدا ؛ أو لا آكل طعاما ، ونوى معينا. وظاهر الأصحاب هنا قبوله مطلقا. وتقييد المطلق كتخصيص العام.
__________________
(١) منتهى الوصول : ٨٧.
(٢) منهاج الأصول ( نهاية السؤل ) ٢ : ٣٨٥ ، و ( الابتهاج ) : ٨٨.
(٣) نقله عن القفال في المحصول ١ : ٣٩٩ ، والمعتمد ١ : ٢٣٦ ، واختاره الغزالي في المستصفى٢ : ٩١.
(٤) كما في عدة الأصول : ١٤٩ ، تهذيب الأصول : ٣٩ ، فواتح الرحموت١ : ٣٠٦ ، والإحكام لابن حزم ٤ : ٤٢٩.
(٥) آل عمران : ١٧٣.
(٦) مجمع البيان ١ : ٥٤١.