قاعدة «٥٧»
ترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال ، على ما ذكره جماعة من المحققين (١).
مثاله : أنّ غيلان أسلم على عشر نسوة ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : « أمسك أربعا ، وفارق سائرهن » (٢) ولم يسأله هل ورد العقد عليهن معا أو مرتبا ، فدل على أنه لا فرق ، خلاف ما يقوله أبو حنيفة من أنّ العقد إذا ورد مرتبا تعيّنت الأربع الأوائل (٣).
وأصل هذا الكلام والقاعدة للشافعي (٤) وروي عنه كلام آخر يعارضه ظاهرا ، وهو : أن حكايات الأحوال إذا تطرّق إليها الاحتمال ، كساها ثوب الإجمال ، وسقط بها الاستدلال (٥). وللأصوليين في ذلك قولان كالعبارتين.
واختلف أصحابه عنه ، فقيل : هما قولان له أيضا ، والأكثر على الجمع بينهما ، وأن له قولا واحدا مفصلا ، فقال بعضهم : إن الاحتمال المرجوح لا يؤثر ، وإنما يؤثر الراجح والمساوي. وحينئذ فالاحتمال إن كان في محل الحكم وليس في دليله لا يقدح ، كحديث غيلان ، وهو مراده بالكلام الأول ؛ وإن كان
__________________
(١) تهذيب الوصول : ٣٨ ، المحصول ١ : ٣٩٢ ، المنهاج ( نهاية السؤل ) ٢ : ٣٦٧ ، التمهيد : ٣٣٧.
(٢) سنن ابن ماجة ١ : ٦٢٨ باب ٤٠ حديث : ١٩٥٣ ، الموطأ ٢ : ٥٨٦ باب جامع الطلاق.
(٣) نقله عنه في السنن الكبرى للبيهقي ٧ : ١٨٥ ، والمغني لابن قدامة ٧ : ٥٤٠ ، والفقه على المذاهب الأربعة ٤ : ٦٨.
(٤) كتاب الأم ٥ : ٤٩.
(٥) نقله عنه القرافي في الفروق ٢ : ٨٨ ، وشرح التنقيح : ١٨٦.