العين المحاذيه لمنشئه (٦٧) من الدماغ. وقد علل القدماء ذلك. فقوم قالوا انما اتصلتا لتشترك كل واحدة مع الأخرى فيما يحل بها من الأذى وقوم قالوا ان جميع الحواس ينبغي ان تبتدىء من اصل واحد وتنتهي الى شيء واحد. وهذان القولان متقاربان والأول لا كلمة منه (٦٨) لان الحكمة لا تقتضي عموم الآفة. والثاني يخالف الخلقة على ما تشاهد. وان كان يقتضي اتحاد الأصل. وهو كذلك في الابتداء في جميع الحواس لكن هذا الاتصال المخصوص ليس كذلك (٦٩). بل قوم قالوا ان هاتين العصبتين ليس بهما شيء متعلق ولا محرّك من غيرهما من الاعضاء. فلو جريا على استقامة لكانتا بمعرض من الانتهاك. وهذا القول قريب. والأجود ان يقال ان الأجود للعينين (٧٠) ان تكون الروح الباصر الواصل اليهما من الدماغ متى امتنع نفوذه في أحدهما انصرف الروح والقوة الى الاخرى فيتوفر عليهما كما قلنا في وضع العين وهذا لا يمكن ان يكون الا كذلك (٧١) ويشهد بذلك ان انسانا لو جعل كفه طولا ، او شيئا حاجزا (٧٢) على الأنف بين العينين لئلا يقع بصرهما على الشيء الذي يقصد كانت رؤيته له غير تامة. وان غمضّ واحدة عادت رؤيته له بالعين الاخرى أبين وأوضح. وليس ثمّ سبب الا ان الروح ينصرف الى المفتوحه فيصير اكثر ادراكا. ولذلك يتسع ثقب العنبي من مزاحمة الروح الباصر وطبع هذا العصب كطبع الدماغ بارد رطب واما عصب
_________________
٦٧) في الأصل : لمنشايه.
٦٨) في الأصل (لا حله فيه) وجملة لأن الحكمة موجودة في الحاشية بخط يغاير خط المؤلف.
٦٩) يريد بهذه التعاليل ذكر أسباب اتصال تجويفي العصبتين المجوفتين.
٧٠) في الأصل : والاجود ان يقال ان الاجود العين ار نلون.
٧١) في الأصل : وهذا لا يمكن ان يكون الا لذلك ونسهد بلكب.
٧٢) في الأصل : لو جعل كفه طويلا أو شببا. وربما أراد أن يقول لو جعل كفه طوليا.