العثمانية وفارس اللتان وقعتا بوساطة روسيا وبريطانيا معاهدة وهي المادة التي تنازلت الدولة العثمانية بموجبها عن منطقة المحمرة والضفة اليسرى لشط العرب (١) وكان افتتاح الملاحة في نهر الكارون في ١٨٨٨ بفضل إصرار بريطانيا العظمى يبشر بزيادة أهمية المحمرة بشكل يفوق العادة ويهدد في الوقت نفسه بفقدان البصرة وبغداد لجزء لا يستهان به من تجارتهما المزدهرة مع الجارة فارس، الأمر الذي اضطر الحكومة العثمانية إلى أن تتخذ عدداً من الاجراءات التي اعتبرتها فعالة لحماية مصالحها. فبنت في الفاو طابية جهزتها بأحدث الأسلحة وكان ذلك على حد قول اللورد كرزن يشكل « خطراً جدياً يهدد جيران تركيا الفرس ومصالح التجارة والملاحة البريطانية على السواء » (٢) ولهذا أصبح مفهوماً لماذا لم تكن بريطانيا العظمى تترك أية فرصة ملائمة للاحتجاج على وجود الطابية المذكورة ولماذا كانت تحاول بكل جهدها أن تعيق الدولة العثمانية عن تعزيزها في المستقبل. وقد قامت بسبب ذلك حادثة سياسية جدية عندما أطلقت الحامية العثمانية المحلية في شهر أيار ١٨٩٠ النار على الكابتن بولديرو قائد اليخت الحربي الإنجليزي (Sphinx) عندما حاول النزول إلى الفاو لاستطلاع التحصينات (٣). وقد سوي هذا الحادث سلمياً بفضل إقالة
______________________
(١) كانت توجد في الدولة العثمانية مدينتان إسم كل منهما سكوتاري تقع الأولى على الضفة الأسيوية للبسفور وهي المقصودة هنا أما الثانية فإنها في البانيا ـ المترجم.
(٢) Persia and The Persian Question. London. ١٨٩٢ Vol. II p. ٣٣٥
(٣) C. U. Aitchison A colleetion of Teraties Engagements and Sanads Relating to India and Neighbouring Counties. Calcutta. ١٨٩٢. Vol. XI. P. ٩.