بحيث أنه يضيق في هذا الموضع حتى يبلغ عرضه ٨٥ أرشيناً. ولا يستعيد دجلة شكله السابق إلّا ابتداءً من موقع النبي عزرا (١) وذلك بفضل ورود المياه إليه من الأهوار المحيطة به فيأخذ بالجريان متعاظماً حتى يصل إلى القرنة.
ودجلة بالمقارنة مع الفرات يكون أقصر بمقدار مرة ونصف تقريباً ولكنه يفوق توأمه في سرعة الجريان ولهذا أسماه العرب السهم (٢) (دجلة) (٣). ويتخذ دجلة بسبب سريعة تياره والارتفاع والهبوط السريعين لمياهه في موسم الأمطار والفيضان طابع الجدول الجبلي الحقيقي الذي يستبعد أن تكون الملاحة فيه، وعلى الأخص ضد التيار، ممكنة حتى فبل بغداد لو لم توجد في مجراه المنعطفات التي أشرنا إليها أعلاه.
ومن الخصائص الأخرى التي ظل دجلة يتميز بها حتى الربع الأخير من القرن التاسع هي غزارة مياهه، فالمعطيات التي أوردها ريكلوس (٤)(e. reclus) تشير إلى أن كمية المياه التي يحملها إلى الشمال
______________________
(١) يقصد بلدة العزيز. (المترجم).
(٢) حول أصل تسمية دجلة وغيره من أنهار العراق راجع: جمال بابان. « أصول أسماء العراق وأنهاره الرئيسية » مجلة آفاق عربية عدد آذار ١٩٨٠ ص٩٨ ـ ١١١ المترجم
(٣) تشير حسابات الضباط البحريين الانجليزيين كليفلاند (Cleveland) ومورفي (murphy) إلى أن سرعة جريان دجلة شمال بغداد هي ٧،٣٣ قدماً في الثانية في حين يجري الفرات إلى الشمال من هيت بسرعة ٤،٤٦ قدماً في الثانية :
(f.r. Chesney: op. cit. vol. L. p. ٦٢)
ولا تتعدى سرعة دجلة حسب آخر ملاحظات السيد ولكوكس الـ ٥،٤/٩ قدم في الثانية ـ انظر: (w. willcockes: op. cit.p.٢٨)؟
(٤) (e. reclus: op. cit. t. lx.p.٣٩٠).