مجزى دجلة كثير التعاريج بحيث يكاد كلّ منعطف من منعطفاته أن يشكل دائرة كاملة حتى ليبدو أحياناً للمسافر الذي يراقب من على ظهر السفينة المراكب الشراعية التي تمر بهذه المنعطفات، إن هذه المراكب لا تتحرك من مكانها وإنها تسحب على الأرض لأن من غير الممكن رؤية تعرجات النهر بسبب ارتفاع ضفتيه.
وابتداءً من بغداد وحتى العمارة تقريباً يصبح دجلة نهراً عظيماً يتراوح عرضه ما بين ٤٢٠ و ٤٩٠ أرشيناً وعمقه ما بين ١١ أرشيناً في موسم الفيضان وأرشينين في موسم الصيهود. وإلى الأعلى من العمارة قليلاً يتفرع من الجانب الأيمن من دجلة أول تلك الفروع التي تنقل المياه من النهر إلى المستنقعات الواقعة في مجراه الأدنى فتساعد بذلك على نقصان المياه في هذا الشريان الوحيد الصالح للملاحة في العراق العربي. وتشير حسابات السيد ولكوكس (١) إلى إن هذا الفرع الذي يعرف باسم باتره (٢) والفرع الآخر الذي يتفرع من جهة النهر اليسرى في العمارة نفسها والذي يعرف باسم جالة (٣) يستنزفان كمية كبيرة من المياه بحيث إن دجلة في هذا الموضع لا يكاد يبلغ ٢٥٠ أرشين عرضاً و ١/٢، ٥ أرشين عمقاً في موسم الفيضان. إن فرع جالة شأنه في ذلك شأن المجر الكبير الذي يتفرع من ضفة النهر اليمنى إلى الأسفل من العمارة والمشرح الذي يتفرع من جانبه الأيسر تقع جميعها في مستوى النهر فتؤلف بسبب الكمية الكبيرة التي تبتلعها من المياه الخطر الرئيسي على وجود دجلة كنهر صالح للملاحة
______________________
(١) W. Willcocks: OP. cit. pp. ٢٨ – ٢٩.
(٢) يقصد البتيرة. (المترجم).
(٣) يقصد الكحلاء أو الجحلة كما يسمى محلياً. (المترجم).