الوحيدة للمعدان الذين يحصلون على مبالغ کبيرة ثمناً لما يبيعونه من حليب الجاموس وزبدته ولحمه، وهي المنتجات التي تستهلکها الطبقات الفقيرة من سکان المدن والقرى بسبب رخصها.
ومقدار الضريبة الحکومية المفروضة على الجاموس هو عشرة قروش (٨٠ کبيکا) للرأس الواحد، لذا فبإمکاننا أن نستنتج بأن عدد الجاموس في ولاية بغداد هو ١٠،٢١٨ رأساً وفي ولاية البصرة هو ١٨،٥٠٠ رأس (١) وذلک استناداً إلى المبلغ الأجمالى لضريبة الجاموس الوارد في الحوليات العثمانية لسنة ١٣١٨ هـ بالنسبة لولاية بغداد ولسنة ١٣١٧ بالنسبة لولاية البصرة. لکن هذه الارقام هي في الواقع بعيدة عن الحقيقة لأن جامعي الضريبة لم يتوغلوا إلى داخلية الأهوار التي يقطنها المعدان. وتترتب السناجق من حيث عدد الجاموس الموجود فيها على النحو التالي: العمارة أولاً ثم المنتفق ثم الحلة ثم البصرة وأخيراً بغداد، علماً بأن أجود الجاموس هو ذلک الذي تملکه قبيلة البومحمد التي تقطن الأهوار الواقعة إلى الشمال من القرنة. هذا ويؤخذ على کل رأس من الجاموس يرد إلى المجزرة أحد عشر قرشاً (٨٨ کبيکاً) لصالح «البلدية» أي مجلس المدينة.
وبانتقالنا إلى الحديث عن الزراعة لا يسعنا إلا أن نلاحظ ابتداءً بأن من الصعب أن تتعرف في زارع الأرض المسالم أي الفلاح على ذلک البدوي الذي أصبح بعد أن ارتبط بالارض وفقاً لنوع أشغاله الجديدة لا يقل عن الحکومة العثمانية نفسها حرصاً على الهدوء والنظام في البلاد.
لقد کان تعزيز هذا العنصر المسالم في العراق الجنوبي يؤلف منذ القدم الأهتمام الرئيسي والطبيعي للولاة المحليين الذين لم يترددوا حتى
______________________
(١) مجموعة التقارير القنصلية لسنة ١٩٠٤ الاصدار الأول ص١٠.