أشبه تذهب مباشرة إلى خزينة إدارة أراضي السنية. هذا فضلاً عن إن موظفي هذه الادارة مشمولون بـ «حصانة» خاصة بحيث لا يستطيع البوليس ولا السلطات القضائية أن تتخذ ضدهم أي إجراء دون علم وموافقة الأشخاص الذين يقفون على رأس إدارة أراضي السنية. ولهذا فليس هناک ما يدهش في أن تکون ظروف الزراع البسطاء والفلاحين العاملين في خدمة تلک الادارة أفضل بما لا يقاس من ظروف نظرائهم العاملين لدى الملاک الخاصين بحيث تعتبر الطبقات العاملة من السکان المحلين الانضمام إلى مستخدمي هذه المؤسسة ذات الامتيازات نجاحاً خاصاً.
على إن إدارة الضياع السلطانية لم تقتصر
على التوسع في شراء الأراضي الخالية والموجودة بالقرب من المدن والمراکز المأهولة وإنما تعدت ذلک إلى الأراضي التي تتنقل فيها أکثر القبائل وحشية وعدوانية في العراق الجنوبي حيث السبيل إليها مغلق تماماً بالنسبة للبسطاء من عامة الشعب. وهکذا قامت الادارة بشراء أراضي واسعة في سنجق العمارة، وعمدت من أجل أن تجذب الرحل المحليين إلى العمل بالزراعة ولکي تؤمن حماية الضياع السلطانية الجديدة من نهب عصابات البدو إلى اتخاذ إجراء ذکي حيث أجرت کل تلک الأراضي للشيوخ المحليين هناک. وبعد أن استأجر هؤلاء الشيوخ قطع الأرض بشروط ملائمة أصبحوا ذوي مصلحة مادية في زراعتها فأخذوا يسعون على استخدام قبائلهم لزراعتها ولقد منح هؤلاء الشيوخ مع الايجار الالقاب الرسمية المختلفة فأصبحوا مديرين أو قائمقامين وما اشبه فألقي ذلک على عاتقهم مسؤولية المحافظة على النظام والهدوء في المناطق الخاضعة لسلطتهم. وهکذا وضعت بفضل هذا الاجراء الناجح البداية لعملية انقراض الکثير من القبائل ذات النزعة الحربية المتنقلة في سنجق العمارة وللتوسع الکبير في مساحة الأرض المزروعة في