يعتبر البنك الامبراطوري العثماني (١) الذي افتتح رسمياً في ١ حزيران عام ١٨٦٣ من حيث الجوهر وريثاً للبنك العثماني الذي تأسس في ١٨٥٦ برؤوس أموال انجليزية فقط والذي كان الهدف من إنشائه تشجيع تجارة الشرق الأدنى حيث تركز الجزء الأغلب من نشاطه. لذا فمن غير الممكن اعتبار البنك العثماني بنكاً عثمانياً للدولة خصوصاً بعد أن فشل في تبرير الآمال التي علقها عليه الباب العالي لتحسين وضع العملة التي أشاع فيها الاضطراب تداول النقود الذهبية والفضية القليلة القيمة والتوسع اعتباراً من ١٨٣٩ في إصدار النقود الورقية المعروفة باسم «قائمة» (٢).
هذا في حين أن إنشاء بنك للدولة كان ضرورة ملحة بالنسبة لبلد زراعي مثل الدولة العثمانية حيث تجمع إيرادات الضرائب والاتاوات، من جراء الانعدام التام تقريباً للضرائب غير المباشرة، في أوقات معينة من السنة تتطابق مع مواسم حصاد أو جمع مختلف أنواع المحاصيل الزراعية. لذا لم يكن بمقدور الخزينة في مثل هذه الظروف أن تستغني عن القروض قصيرة الأجل لتغطية المصاريف الآتية الملحة فكان يتحتم عليها اللجوء إما إلى بيع المدخولات مسبقاً وإما على عقد القروض الداخلية.
وكلا الأمرين كان يؤدي إلى خسارة الحكومة بسبب الارتفاع غير الاعتيادي في نسبة الفائدة التي يتقاضاها مصرفيو گلطة (٣) الذين كان يتحتم
______________________
(١) لقد إلتزمنا في جميع الحالات التي أوردنا فيها المسميات الفرنسية للدلالة على المؤسسات العثمانية بتعبير «عثماني» الذي دخل في الاستعمال دولياً والذي هو تحريف للكلمة التركية «عصماني».
(٢) A. du Veley. Op. cit. p. ١٨٩ FF: Ch. Morawitz: op. cit. p. ٤١ FF.
(٣) گلطة أسم لأحد أحياء مدينة اسطنبول ـ المترجم.