الدينية والدنيوية على رعاياهم المسلمين.
وإذ لم يكن بمقدور السلاطين بسبب التعقد التدريجي لجهاز الدولة أن يقوموا بأنفسهم بشؤون الجانب الروحي لرعاياهم فإنهم نقلوا الإدارة المباشرة للقضايا الدينية إلى شخص خاص يختارونه هم بأنفسهم من بين أكثر رجال الدين السنة تضلعاً. وشيخ الإسلام وهو اللقلب الذي يطلق على هذه الشخصية الدينية العليا في الإمبراطورية العثمانية يعين ويقال بمراسيم سلطانية ولهذا فإنه ليس أكثر من وزير للشؤون الدينية يشغل وظيفة هي في العادة أقل مرتبة من وظيفة الصدر الأعظم.
وعلى ذلك فإن كل قوة وأهمية شيخ الإسلام لا تكمن في مقامه الديني وإنما فيما يرتبط بهذا الأخير مباشرة وحسب تعاليم الإسلام من سلطة قضائية ذلك إنه يعتبر المرجع الأعلى في جميع القضايا التي تحل بموجب أحكام الشريعة وما يصدره من قرارات يعتبر نهائياً لا رجعة فيه وتكتب هذه القرارات أو «الفتاوي» كما كانت تسمى على شكل أسئلة مجردة يعطي لها شيخ الإسلام جواباً مفتضباً هو: «أولور» أي يجوز أو «أولماز» أي لا يجوز. ولا يمكن لأي مسلم أن يخالف الفتوى الصادرة بمن في ذلك السلطان نفسه الذي يملك وسيلة واحدة فقط لتعطيل الفتوى التي لا يرغب فيها وهي عزل شيخ الإسلام مسبقاً (١). لقد كانت مثل هذه الفتاوي أساساً استند عليه في عزل السلطان عبد العزيز في ايار ١٨٧٦ ثم ابن أخيه السلطان مراد بعد ذلك بثلاثة أشهر واخيراً السلطان عبد الحميد الأخ الأصغر لهذا الأخير وخليفته في نيسان ١٩٠٩.
ومن الضروري أن نتذكر ونحن نتحدث عن وضع رجال الدين
______________________
(١) Odysseus: Op. Cit. P. ١٣١ FF.