إنى أخاف أن إخوتي يحسون بوقع حوافر الخيل والدواب وصلصلة اللجم والسلاح فيظنون أن دقيانوس غشيهم فيموتون جميعاً فقفوا قليلاً حتى أدخل عليهم فأخبرهم فوقف الناس ودخل تمليخا فوثب اليه الفتية واعتنقوه وقالوا : الحمد للّه الذي نجاك من دقيانوس ، فقال : دعوني منكم ومن دقيانوس كم لبثتم؟ (قالوا : لبثنا يوماً أو بعض يوم) قال : بل لبثتم ثلاثمائة وتسع سنين وقد مات دقيانوس وأنقرض قرن بعد قرن وآمن أهل المدينة باللّه العظيم وقد جاؤكم ، فقالوا له : يا تمليخا تريد أن تصيرنا فتنة للعالمين ، قال : فماذا تريدون؟ قالوا : إرفع يديك ونرفع أيدينا ، فرفعوا أيديهم وقالوا : اللهم بحق ما أريتنا من العجائب في أنفسنا إلا قبضت أرواحنا ولم يطلع علينا أحد فأمر اللّه ملك الموت فقبض أرواحهم وطمس اللّه باب الكهف وأقبل الملكان يطوفان حول الكهف سبعة أيام فلا يجدون له باباً ولا منفذاً ولا مسلكاً فأيقنا حينئذ بلطيف صنع اللّه الكريم وأن أحوالهم كانت عبرة أراهم اللّه إياها ، فقال المسلم : على دينى ماتوا أنا أبني على باب الكهف مسجداً ، وقال النصرانى : بل ماتوا على ديني فأنا أبني على باب الكهف ديراً ، فاقتتل الملكان فغلب المسلم النصرانى فبني على باب الكهف مسجداً فذلك قوله تعالى : (قٰالَ اَلَّذِينَ غَلَبُوا عَلىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً) وذلك يا يهودي ما كان من قصتهم (ثم قال علي عليه السلام) لليهودي : سألتك باللّه يا يهودي أوافق هذا ما في توراتكم؟ فقال اليهودي : ما زدت حرفاً ولا نقصت حرفاً يا أبا الحسن ، لا تسمني يهوديا فأشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمداً عبده ورسوله وأنك أعلم هذه الأمة.
(أقول) والظاهر أن رجوع تمليخا إلى المدينة بعد ما لبثوا في كهفهم ثلاثمائة وتسع سنين كان بعد ظهور عيسى وقبل الإسلام ، فقوله في الحديث الشريف : وكانت المدينة قد وليها رجلان ملك مسلم وملك نصراني أو فقال المسلم : على ديني ماتوا أنا أبني على باب الكهف مسجداً ، وقال النصراني :