أميال من المدينة قال لهم تمليخا : يا إخوتاه قد ذهب عنا ملك الدنيا وزال عنا أمره فانزلوا عن خيولكم وامشوا على أرجلكم لعل اللّه يجعل لكم من أمركم فرجاً ومخرجاً فنزلوا عن خيولهم ومشوا على أرجلهم سبعة فراسخ حتى صارت أرجلهم تقطر دماً لأنهم لم يعتادوا المشى على أقدامهم ، فاستقبلهم رجل راع فقالوا : أيها الراعي أعندك شربة ماء أو لبن؟ فقال : عندي ما تحبون ولكني أرى وجوهكم وجوه الملوك وما أظنكم إلا هراباً فأخبروني بقصتكم ، فقالوا : يا هذا إنا دخلنا في دين لا يحل لنا الكذب أفينجينا الصدق؟ قال : نعم فأخبروه بقصتهم فانكب على أرجلهم يقبلها ويقول : قد وقع في قلبى ما وقع في قلوبكم فقفوا لي هاهنا حتى أرد الأغنام إلى أربابها وأعود اليكم فوقفوا له فردها وأقبل يسعى فتبعه كلب له ، فوثب اليهودي قائماً فقال : يا علي إن كنت عالماً فاخبرني ما كان لون الكلب واسمه؟ فقال : يا أخا اليهود حدثني حبيبي محمد صلى اللّه عليه (وآله) وسلم أن الكلب كان أبلق بسواد وكان اسمه قطمير قال : فلما نظر الفتية إلى الكلب قال بعضهم لبعض : إنا نخاف أن يفضحنا الكلب بنبيحه فألحوا عليه طرداً بالحجارة فلما نظر اليهم الكلب وقد ألحوا عليه بالحجارة والطرد أقعى على رجليه وتمطى وقال بلسان طلق ذاق : يا قوم لم تطردوننى وأنا أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، دعوني أحرسكم من عدوكم وأتقرب بذلك إلى اللّه سبحانه وتعالى ، فتركوه ومضوا ، فصعد بهم الراعى جبلا وانحط بهم على كهف ، فوثب اليهودي وقال : يا علي ما اسم ذلك الجبل وما اسم الكهف؟ قال أمير المؤمنين عليه السلام : يا أخا اليهود اسم الجبل ناجوس واسم الكهف الوصيد ، وقيل : خيرم ، قال : وإذا بفناء الكهف أشجار مثمرة وعين غزيرة ، فأكلوا من الثمار وشربوا من الماء وجنهم الليل فأووا إلى الكهف وربض الكلب على باب الكهف ومد يديه عليه وأمر اللّه ملك الموت بقبض أرواحهم ، ووكل اللّه تعالى بكل رجل منهم ملكين يقلبانه من ذات اليمين إلى ذات الشمال ومن ذات الشمال إلى ذات اليمين ، قال : وأوحى اللّه تعالى إلى الشمس فكانت تزاور عن كهفهم ذات اليمين إذا طلعت وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال ، فلما رجع الملك دقيانوس من عيده سأل