المبسوط (١).
وأما الشافعي ، فانه قال : لا يخلو أن نقول ذلك بلفظ العفو أو بلفظ الوصية ، فان قال بلفظ الوصية ، فهل تصح الوصية للقاتل؟ قولان ، أحدهما تصح لقوله عليهالسلام « ان الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث » (٢) دل على أن الوصية انما تصح لغير الوارث ، ولا شك أن القاتل غير وارث ، فتصح الوصية له ، عملا بظاهر اللفظ وللاصل. والثاني لا تصح لقوله عليهالسلام « ليس للقاتل شيء » والنكرة في سياق النفي للعموم ، كما مر بيانه في أول كتابنا هذا.
فان قلنا بالاول كانت الدية كلها له ان خرجت من الثلث ، والا فبمقدار ما يخرج منه. وان قلنا بالثاني ، كانت الدية باقية على الجاني بحالها.
وان قال بلفظ العفو والابراء ، فهل هما من المريض وصية أم لا؟ على قولين فان قيل وصية فهو كالوصية ، وقد سلف البحث فيها. وان قيل انهما اسقاط لا وصية لانه ابراء عما لم يجب ، وذلك لا تصح.
وأما المصنف ، فانه تردد في ذلك ، ومنشأ تردده النظر الى ما احتج به الشيخ في الخلاف. والالتفات الى ما احتج به الشافعي أخيرا.
قال رحمهالله : لو جنى عبد على حر جناية تتعلق برقبته ، فان قال : أبرأتك لم يصح ، وان أبرأ السيد صح ، لان الجناية وان تعلقت برقبة العبد ، فانه ملك للسيد ، وفيه اشكال من حيث أن الابراء اسقاط لما في الذمة.
أقول : هذه المسألة ذكرها الشيخ في المبسوط (٣) ، وحكم بصحة ابراء السيد دون العبد. اما الاول. فلان الجناية وان كانت متعلقة برقبة العبد ، فالعبد يعود على
__________________
(١) المبسوط ٧ / ١١١.
(٢) سنن ابن ماجة ٢ / ٩٠٥ ، برقم : ٢٧١٣.
(٣) المبسوط ٧ / ١١١.