قال رحمهالله : الرابعة : لو قطع يدي رجل ورجليه ـ الى قوله : أما لو قطع يده فمات وادعى الجاني الاندمال وادعى الولي السراية ، فالقول قول الجاني ، ان مضت مدة يمكن فيها الاندمال ، ولو اختلفا فالقول قول الولي ، وفيه تردد.
أقول : ينشأ : من النظر الى أن الاصل بقاء المدة وعدم مضيها ، فيكون القول قول الولي ، لاستناد دعواه بهذا الاصل ، وهو فتوى الشيخ في المبسوط (١) ، فالولي في هذه المسألة كالجاني في المسألة السابقة عليها.
والالتفات الى أن الظاهر وجوب نصف الدية ، اذ هو موجب الجناية فقط والولي يدعي زيادة بحصول الموت بالسراية ، والاصل عدمها حتى يثبت قطعا أو ظاهرا ، ولا قطع ولا ظاهر مع حصول الخلاف ، فيكون القول قول الجاني ، لاستناده الى هذا الاصل وأصل البراءة ، أو نقول : احتمال لا انقضاء مساو لاحتمال الانقضاء فتساقطا ، ويرجح قول الجاني بما أن الاصل عدم الضمان ، والاول عندي أقوى.
قال رحمهالله : ولو ادعى الجاني أنه شرب سما فمات ، وادعى الولي موته من السراية ، فالاحتمال فيهما سواء ومثله. الملفوف في الكساء اذا قدسسره بنصفين فادعى الولي أنه كان حيا ، وادعى الجاني أنه كان ميتا ، فالاحتمالان متساويان ، فيرجح قول الجاني بما أن الاصل عدم الضمان ، وفيه احتمال آخر ضعيف.
أقول : اعلم أن دعوى كل واحد من الجاني والولي قد استندت الى أصل في الصورتين معا. أما في الصورة الاولى ، فلان الجاني استندت دعواه الى أصل وهو أصالة عدم الموت بالسراية. وأما الولي فلان دعواه مستند الى أصالة عدم الشرب والموت به. واذا تعارض الاصلان تساقطا ووجب الرجوع الى مقتضى الاصل وهو البراءة.
وأما في الصورة الثانية ، فلان دعوى الولي مستندة بأصل بقاء الحياة ، ولانه
__________________
(١) المبسوط ٧ / ١٠٥.