فعل (١) هذا وان لم يكن أثرا فلا قسامة ، حتى أنه لو خرج الدم من أنفه فلا قسامة ، لانه يخرج من خنق ويظهر من غير قتل ، وان خرج من أذنه فهو مقتول ، لانه لا يخرج من أذنه الا بخنق شديد وسبب عظيم. ثم قال : وهو الاقوى (٢).
واختار في الخلاف عدم الاشتراط ، كما هو مذهب الشافعي ، محتجا بأن العادة موت الانسان بالامراض ، وموت الفجأة نادر ، فالظاهر من هذا أنه مقتول ، كما أن من به أثر القتل يجوز أن يكون جرح نفسه ، ولا يترك لذلك القسامة ولا ينبغي أن نحمله على النادر الا بدليل ، وقد يقتل الانسان غيره بأخذ نفسه أو عصر خصيته وان لم يكن هناك أثر (٣).
وما قاله رحمهالله في الخلاف حسن ، وانما كان أشبه لدلالة العموم عليه.
قال رحمهالله في كمية القسامة : ولو كان المدعى عليهم أكثر من واحد ففيه تردد ، أظهره أن على كل واحد خمسين يمينا ، كما لو انفرد ، لان كل واحد يتوجه عليه دعوى بانفراده.
أقول : منشؤه : النظر الى أن كل واحد من المدعى عليهم ينفي عن نفسه ما ينفيه الواحد اذا انفرد وهو القود ، فلهذا حلف كل واحد ما يحلف الواحد اذا انفرد وليس كذلك المدعي اذا كان أكثر من واحد ، لان الكل سواء يثبتون ما يثبته الواحد اذا انفرد ، وهو الذي قواه الشيخ في المبسوط (٤) ، وهو القول الاصح عند الشافعي.
والالتفات الى أصل البراءة ، ترك العمل به في ايجاب الخمسين عليهم ، للدليل الدال عليه ، فيبقى معمولا به فيما عداه ، وبه أفتى الشيخ في الخلاف ،
__________________
(١) فى المصدر : مثل.
(٢) المبسوط ٧ / ٢١٥.
(٣) الخلاف ٢ / ٤١٥ مسألة ٨.
(٤) المبسوط ٧ / ٢١١.