الحنطة أقل من القدر المبيع ، وكذا إذا كان التبن والزوان في الحنطتين ،
ولكن كان ما في أحدهما أكثر ، فإن قدر الحنطة الخالصة فيه أقلّ من الحنطة في عوضه
، وقوله : « لأنّ ذلك » دفع لهذا التوهّم ، وحاصله : أنّ أقلية أحد الحنطتين عن
الآخر بهذا القدر مع جبر نقصانه ممّا لا ينفك عنه غالبا غير قادح في تماثل الجنسين
ومساواتهما ، بل هذا القدر اليسير أيضا يعد من الحنطة عرفا ، فيتساويان قدرا ،
وهذا مراده من إطلاق المثلية. وكذا لو وضع هذا القدر لا يقدح في المساواة عرفا ،
وهذا مراده من إطلاق المساواة. والضمير في قوله :« زيادة عنه » راجع إلى قوله : «
الآخر » وقوله : « زيادة » حال عن عقد التبن.
فإن قيل : لا
وجه لهذا التوهم أصلا لانه سيأتي أنّه يتخلّص من الربا بالضميمة ، غاية الأمر أنّ
اليسير من التبن والزوان يكون ضميمة إلى الناقص.
قلنا : لا يصلح
هذا للضميمة ؛ لأنّ شرط الضميمة ـ كما مر سابقا ـ أن تكون مما يصلح كونه مالا
ومبيعا ، وهذا ليس كذلك.
قوله
: وحصول التفاوت.
مبتدأ ، وخبره
قوله : « لا يقدح ». وقوله : « توزيع الثمن » عطف على المقابلة. وهذا ردّ على بعض
العامّة حيث منع عن بيع جنسين ربويّين بأحدهما مع الزيادة كمدّ تمر ودرهم بمدّين.
ووجه منعه : ما ذكره الشارح من حصول التفاوت عند المقابلة وتوزيع الثمن.
وحاصله : إذا
قوبل أجزاء المبيع أجزاء الثمن ، وقوّم كلّ منها بالآخر ربما حصلت الزيادة الموجبة
للربا ، مثلا في المثال المذكور إذا فرضنا أنّ الدرهم قيمة مدّ ونصف من التمر ،
فيكون المبيع مدّين ونصف مدّ تمر ، ومدّ ونصف قيمة الدرهم ، فالدرهم ثلاثة أخماس
المبيع ، ويقابله ثلاثة أخماس الثمن ، وهو مدّ وخمس مدّ ، ويبقى خمسا الثمن ، وهو
أربعة أخماس المد في مقابل مدّ ، وذلك ربا.
وقوله : « على
بعض الوجوه » إشارة إلى أنّه قد لا يحصل التفاوت ، كما إذا كان قيمة الدرهم مدّا
من التمر. وظهر ممّا ذكرنا أنّ قوله : « وحصول التفاوت » إشارة إلى ردّ قول
المخالف في المسألة المذكورة في المتن ، لا في المسألة التي ذكرها الشارح من أنّه
لا يشترط في الضميمة أن تكون ذات وقع.