وتوضيح اعتذاره : أن جمعه في نقل كلام القائلين بالقول المذكور ؛ للتنبيه والإشارة إلى أنّ مراد القوم من الوهم الواقع في كلامهم أيضا الظن أي : كما أنّ مرادهم من لفظ « الظن » معناه كذلك مرادهم من لفظة الوهم معنى الظن ، فيكون قوله أيضا قيد الوهم. وإنّما حمل مرادهم على ذلك ؛ لأنّه لا يجوز الإفطار مع الوهم قطعا ، وإذا لم يجز يلزم منه وجوب الكفّارة أيضا مع أنّهم لم يحكموا به.
وتوضيحه : أنّ حكمهم بوجوب القضاء خاصّة وعدم وجوب الكفّارة يقتضي جواز الإفطار وإن فسد به الصوم كما في تناول مستصحب الليل والمريض والمسافر ؛ لأنّ الإفطار كلّما لا يجوز يوجب الكفّارة أيضا ، فلو كان الوهم في كلامهم باقيا على معناه يقتضي جواز الإفطار معه ؛ لعدم حكمهم بالكفّارة ، مع أنّه لا يجوز الإفطار مع ظنّ عدم الدخول أي : مع الوهم قطعا ، وإذا لم يجز يلزم وجوب الكفّارة أيضا ؛ فإنّ الاقتصار على القضاء خاصّة إنّما هو في صورة حصول الظن وظهور المخالفة لا مطلقا ، وإن حصل الوهم أيضا.
ولا يخفى انّه بهذا وإن ظهر توجيه ما فعله المصنّف من الجمع بين الوهم والظن واندفع المحذور من كلام القوم حيث يظهر من كلامهم عدم وجوب الكفّارة في صورة الإفطار مع الوهم ، إلّا أنّه يلزم حينئذ محذوران آخران :
أحدهما يرد عليهم : وهو الذي ذكره الشارح بقوله : « لكن بقي في كلامهم » إلى آخره.
والآخر يرد على المصنّف وهو أنّه إذا كان المراد من الوهم في كلامهم أيضا هو الظن ، فلا يخلو إمّا أن يكون المراد من الظنّين معنى واحدا ، أو يكون لكلّ منهما معنى غير معنى الآخر كما ذكره الشارح ، فإن كان المراد هو الأوّل مع أنّه لا يصح يرد أنّه لا وجه لنسبة المصنّف القول بعدم وجوب القضاء حينئذ إليهم مع أنّهم حكموا تارة بوجوبه فما علّة الترجيح؟
وإن كان المراد هو الثاني يرد : أنّه يكون حينئذ للقول المذكور فردان لكلّ منهما حكم مخالف للآخر ، فلا وجه لجمعهما وجعل حكمهما واحدا وهو عدم القضاء ، إلّا أن يقال : إنّه ليس جمعا بين الفردين ، بل ذكر أحدهما وذكر الظن لتفسير الوهم ؛ مع أنّ اختلاف